+†+ منتديات ميناء الخلاص +†+
+†+ منتديات ميناء الخلاص +†+
+†+ منتديات ميناء الخلاص +†+
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

+†+ منتديات ميناء الخلاص +†+

منتدى قبطى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مقالات أيضا لقداسة البابا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:12 pm

ما هى الصلاة؟


جميع الناس يصلّون. ويرفعون أكفّ الضراعة إلي الله. ووسط صلوات الكثيرين. نريد أن نتحدث اليوم عن الصلاة: فما هي الصلاة؟ وكيف تكون؟ وهل كل "صلاة" هي في الحقيقة صلاة؟ وهل هناك صلوات مقبولة. وأخري غير مقبولة؟ وما هي شروط الصلوات المقبولة؟

+++

إن الصلاة جزء من طبيعة الإنسان. كأنها غريزة فيه

ومن هنا كان جميع الناس يصلّون. حتي أن الوثنيين أيضاً يعرفون الصلاة. وذلك لأن القلب بدون الصلة بالله. يشعر بفراغ كبير. فالله له وجود في حياتنا. ولسنا نحن معتزلين عنه. إنه معنا. ونلاحظ أنه حتي الطفل يقبل فكرة الله وفكرة الصلاة. بدون شرح. إنها فيه بالفطرة..وإن قلنا إن الإنسان اجتماعي بطبعه. فإننا نستطيع أن نطبق هذه القاعدة روحياً وجسدياً. فروح الإنسان تشتاق إلي الله. وتجد لذة في الالتقاء به والمكوث معه..

+++


الصلاة هي إذن اشتياق إلي الله:

روح الإنسان تشتاق إلي عشرة أخري غير عشرة المادة. وفي داخل كل منا اشتياق إلي غير المحدود. واشتياق آخر إلي مثالية عالية غير موجودة في هذا العالم... ومن هنا يلجأ الإنسان إلي الله. ليشبع شوقه الروحي.

الصلاة هي أعمق ما في الروحيات. هي تفرغ القلب للّه

هي عمل الملائكة. وعمل الإنسان حينما يتشبه بالملائكة

هي عمل النسّاك والمتوحدين. الذين تركوا كل شيء من أجل محبتهم للّه. ووجدوا في هذه المحبة ما يكفيهم وما يفنيهم.

+++


الصلاة هي راحة للنفس. هي الميناء الهادئ الذي ترسو عنده النفس بعيداً عن أمواج العالم المتلاطمة.

الصلاة هي واحة خضراء في برية العالم القاحلة..

هي الوقت الذي تلتقي فيه النفس بمن يريحها. تجد القلب الكبير الذي تأتمنه علي أسرارها. وتستطيع أن تحدثه بكل صراحة عن متاعبها وعن ضعفاتها وسقطاتها. وهي موقنة تماماً أنه لن يحتقر سقوطها بل يقابلها بكل حنو. ويعينها علي القيام ويشجعها...

+++

الصلاة هي خلوة النفس مع الله

هي لقاء مع الله. لقاء حب

هي تلامس قلب الإنسان مع قلب الله.. وهي تمتّع النفس بالله. وشعورها بالفرح والاطمئنان بالوجود في حضرة الله

الصلاة هي صلة بالله. وربما من هذا المعني أُشتق اسمها

وهكذا يكون الإنسان في حالة صلاة. إن وُجدت هذه الصلة. وإن شعر بالوجود في حضرة

الله. وإن أحسّ القلب أنه قائم فعلاً أمام الله يتحدث إليه..

ليس المهم هو طول الصلاة ونوع الكلام الذي يقال فيها. بقدر ما تتركز الأهمية بالشعور بأن هناك صلة مع الله.

إن لم توجد هذه الصلة. لا يعتبر الإنسان مصلياً. مهما ركع ومهما سجد. ومهما ظن أنه كان يتحدث مع الله!

إن اللمبات الكهربائية - مهما كانت قوية وجميلة - فإنها تكون عديمة الفائدة. إن كان لا يسري فيها التيار الكهربائي. هكذا الصلاة إن لم يكن يسري فيها الشعور بالوجود في حضرة الله.

+++

الصلاة هي تقديس للنفس. برفع الفكر إلي الله. ورفع القلب إلي الله فيتطهر الفكر بالصلاة. وكذلك القلب أيضاً

ذلك أنه عندما يرتفع الفكر إلي الله. يبعد عن المادة وعن محبتها والانشغال بها. ويكون في مستوي روحي أعلي من المادة..وهكذا يدخل القلب والفكر في مستوي آخر. له سموه وروحانيته. يدخلان في عشرة مع الملائكة وأرواح الأبرار.
وفي مثل هذه الصلاة تبطل من العقل كل الأفكار الرديئة. كما تبطل طياشة الأفكار. ويجتمع العقل مع الله.

+++

بالصلاة يصل الإنسان ما يسميه القديسون "استحياء الفكر".

فالفكر الذي تقدس بالصلاة. يستحي من التفكير في أي شيء رديء. وهكذا يخجل الإنسان من أن يستضيف في ذهنه فكراً شريراً في الموضع الذي كان يوجد الله فيه. في العقل وقت الصلاة. وبهذا تساعد الصلاة علي حياة التوبة ونقاوتها..

+++

لكل هذا كانت الصلاة رعباً للشياطين:

فالشياطين يخافون جداً من عمل الصلاة. ويرونه سعياً إلي إمدادات إلهية ومعونات سمائية تصل إلي النفس. فتحطم قوي الشياطين التي تحاربها. لذلك فإن الشياطين تحاول بكل جهدها أن تعطل الإنسان عن القيام بالصلاة. ونقصد الصلوات الروحية التي تخيفهم.. أما الصلاة الفاترة أو السطحية. فلا يهتم الشيطان بمقاومتها. إنها لا تؤذيه.

+++

إن الصلاة الروحية تسبب حسد الشياطين. وتذكرّهم بما فقدوه.

تشعرهم بالدالة الموجودة بين الإنسان والله. فيتعبون ويحاولون أن يمنعوا الصلاة. فإن أصرّ الإنسان علي الصلاة. حينئذ يحاول الشياطين أن يشتتوا فكره. بأن يقدموا له تذكارات ومشاغل وأفكاراً ليجذبوه إلي شيء آخر بعيداً عن الله.

+++

الصلاة هي طعام الروح. هي غذاء الملائكة:

هي عاطفة مقدسة تغذي القلب. بل في أثنائها قد ينسي الجسد أيضاً طعامه. ولا يشعر بجوع. ومن هنا كان ارتباط الصوم بالصلاة. فعندما تتغذي الروح بالصلاة. يمكنها أن ترفع الجسد معها وتشغله عن التفكير في طعامه. وتعطيه طعاماً آخر. وبهذا تستطيع الروح - بالصلاة - أن تحمل الجسد.

+++

الصلاة هي حركة القلب. حتي بدون كلام..

الصلاة ليست مجرد حديث. فقد تكون خفقة القلب صلاة. وقد تكون دمعة العين صلاة. وقد يكون رفع البصر إلي فوق. أو رفع اليدين صلاة.

إن الله بمعرفته للقلوب - في مشاعرها وفي احتياجاتها - يعرف اللغة التي تخاطبه بها هذه القلوب. خارج نطاق الألفاظ.. كالأب الذي يدرك مشاعر ابنه وطلباته. دون أن ينطق بها هذا الابن..وهكذا يقول داود النبي في مزاميره لله "انصت إلي دموعي" ذلك لأن دموعه كان لها صوت خفي يسمعه الله.

+++

الصلاة هي تسليم حياتنا لله. ليعمل هو فيها..

هي رفض من الإنسان أن يستقل بحياته منفصلاً عن الله فهو يريد من الله أن يعمل معه. ويعمل به. فلا يعمل هو وحده!

الصلاة هي إذن دعوة من الإنسان لله أن يتدخل في حياته. ويديرها بحكمته الإلهية حسب مشيئته الصالحة الطوباوية. كما لو أن هذا الإنسان يعلق في صلاته - بكل اتضاع وانسحاق قلب - أنه لا يستطيع أن يعتمد علي ذهنه البشري وحده. وأنه بدون الله لا يستطيع أن يعمل شيئاً..

+++

الصلاة هي شرف عظيم لنا: أن نتحدث مع الله..

بل هي تواضع من الله: أن يستمع إلينا!

ربما نجد صعوبة في الوصول إلي أحد ملوك الأرض أو أحد رؤسائها أو أمرائها لنتحدث إليه. أما التواضع العجيب فهو أن يسمح لنا ملك الملوك ورب الأرباب. أن نتحدث إليه في أي وقت وأي مكان. بلا مانع ولا عائق..!

الصلاة هي السلم العجيب الذي نصعد به إلي الله. أو هي الجسر الذهبي الذي يصل بين الأرض والسماء.. بل إنه بالصلاة تتحول النفس إلي سماء. وتتمتع بالوجود في حضرة الله!
والعجيب أنه مع هذا الشرف العظيم. يمتنع البعض أحياناً عن الصلاة محتجاً بقلة الوقت. أو قد لا تكون له رغبة!

يمتنع الإنسان - الذي هو تراب - عن التحدث مع خالق السماء والأرض. الذي تسبحه وتسجد له طغمات الملائكة!!

+++

ليست الصلاة تفضلا منا علي الله!! كما لو كنا نعطي الله شيئاً من وقتنا أو من مشاعرنا!! وليست هي ضريبة يفرضها الله علينا! وليست هي عملاً نغصب عليه بأمر سماوي! كلا..
إنما الصلاة هي أخذ لإعطاء.. بها نأخذ من الله بركات ومواهب وعطايا دون أن نعطيه شيئاً. وإن كنا نقدم لله وقتاً أو قلباً. فإنما لكي يملأ هذا القلب من محبته. ويقدس هذا الوقت ببركته..

اعتقادنا الخاطيء في أن الصلاة إعطاء منا. هو الذي يجعلنا - في كبرياء وتمنع - نقصر في أدائها. أقصد نقصر في حق أنفسنا أولاً وقبل كل شيء. لأننا نحن المستفيدون من الصلاة وليس الله.. فلنحاول أن نصلي. لكي نأخذ بركة ومعونة. ولكي نتمتع بالحديث مع الله. ولكي تتقدس قلوبنا وأفكارنا وحياتنا كلها..

وإن صلينا. ليتنا نعرف كيف نصلي. وكيف نخاطب الله..

+++

الصلاة هي فترة من الخشوع نقضيها أمام الله

خشوع للجسد وللروح أيضاً خشوع في السجود وفي الركوع.

إن داود النبي - في مزاميره - لا يقول عن سجوده "لصقت بالتراب رأسي". إنما يقول

"لصقت بالتراب نفسي" هذا عن ملء الانسحاق.

وخشوع الجسد يشمل ضمناً خشوع الحواس. فلا تتشتت هنا وهناك أثناء الصلاة - كذلك

يشمل جمع الفكر. فلا يسرح فيما يصلي.

إن سرحان فكرك أثناء الصلاة في أمور متعددة. إنما يدل علي اهتمامك بهذه الأمور أكثر من اهتمامك بكلمات الصلاة. لذلك عليك أن تعدّ نفسك روحياً قبل أن تصلي. وتُخلي فكرك مما يشغله. لكي ينشغل بالله وحده. ويحسن أن يكون ذهنك منشغلاً بفكر روحي!!

+++

ولتكن صلاتك بفهم وتركيز وعاطفة

فتعني وتقصد كل كلمة تقولها في الصلاة ولا يهمك طول الصلاة وإنما عمقها. فإن حوربت بأن تطيل الصلاة بدون عمق. قل لنفسك: أنا ما وقفت أمام الله لكي أعدّ ألفاظاً!

ولتخرج ألفاظ الصلاة من قلبك. وليس من مجرد شفتيك. فإن الله قال عن اليهود في العهد القديم: "هذا الشعب يعبدني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيداً".. إن الصلاة التي تقولها من قلبك. تتصف بالحرارة وأيضاً بالإيمان...

+++

ولا تكن صلواتك مجرد طلبات تطلبها. لئلا يُظن أنك لولا الطلب ما كنت تصلي!!

الصلاة تشمل أيضاً الشكر والحمد. وفيه تسبيح الله وتمجيده.. وفيها أيضا الحب والعاطفة. وما أجمل قول داود النبي في مزاميره: "طلبت وجهك. ولوجهك يارب التمس. لا تحجب وجهك عني"..

في الصلاة تفتح قلبك للّه بكل ما فيه. وتتحدث عما في قلبك بصراحة. وتعرضه أمام الله. فيسكب الله فيه من الحب والنقاوة. ما يجعله لائقاً بالتحدث عن الله.
والصلاة تكون مقبولة. إن صدرت من قلب تائب. وإن لم تكن كذلك. فقل له "توّبني يا رب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:12 pm

النجاح



بمناسبة نتائج الامتحانات لبعض المراحل الدراسية. وانتظار نتائج امتحانات أخري. نري من المناسب أن نتحدث عن النجاح:

النجاح هو سبب فرح لكثيرين

سبب فرح للناجح. ولأبويه وكل أفراد أسرته. وفرح لأحبائه وأصدقائه. وإن كان نجاحاً عاما. يكون فرحا للمجتمع كله.. بعكس الفشل. إذ يكون سبب غم وحزن.

***

والنجاح صفة من صفات الإنسان البار الصالح

هذا الذي يصفه المزمور الأول بأنه "يكون كشجرة مغروسة علي مجاري المياه. تعطي ثمرها

في حينه. وورقها لا يندثر. وكل ما يفعله ينجح فيه".. يكون ناجحا في كل ما يفعله.

ونلاحظ هنا أنه نجاح في كل شئ:

كل ما تمتد إليه يده. يصاحبه النجاح فيه. نعمة الله لا تتخلي عنه في أي عمل. فتكون كل

أعماله ناجحة. كذلك فإن مقومات النجاح في شخصيته لا تفارقه في كل ما يمارسه من

مسئوليات. وفي حياته الروحية أيضا. وفي حياته العملية..

وهو في نجاحه يكون مثالا لغيره. وموضع إعجاب من الناس. كما تكون له سمعة طيبة في كل مكان يحل فيه.

***

والإنسان المحب للنجاح. لا يكتفي فقط بنجاحه. بل يسعي دائما إلي التفوق. وإلي دوام الترقي. وربما إلي الأولوية..

الناجح روحيا يصعد في سلم الفضائل. هادفا إلي الكمال النسبي الذي تقدر عليه طبيعته البشرية. والناجح في أمور العالم يصعد إلي سلم الوظائف وسلم الشهرة والترقية.

ويصبح النجاح كمنهج حياة. يقود من علو إلي علو وهذا ما نلاحظه في تاريخ عظماء الرجال. الذين بدأوا بنجاح بسيط. تطور إلي نجاح في دائرة أوسع وأوسع. حتي وصلوا إلي سجل التاريخ لما لهم من مجد وشهرة..

***

والنجاح لا يقتصر علي وظيفة معينة تدل عليه:

هو ليس قاصراً علي مجال الرؤساء والعلماء. وإنما نطاقه واسع يشمل الكل: فهناك التلميذ الناجح. والاستاذ الناجح. كما أن هناك الصحفي الناجح. والسياسي الناجح. والأديب الناجح.

ولاعب الكرة الناجح. والفنان الناجح.. وكل منهم له مكانته في المجتمع.
الصحفي الناجح هو الذي يتهافت الناس علي قراءة ما يكتب : سواء كان ذلك مقالا. أم خبرا.

أم تحقيقا صحفيا. أم فكاهة. وهو الذي يثق القراء بصحة معلوماته. ودقة أخباره. وتأثير كتاباته..

واللاعب الناجح هو الذي يقدم في لعبه فناً وبراعة. ويمكنه أن يحرز هدفاً غير عادي. أو يصد هدفاً للفريق الآخر كان محققاً..!

والممثل الناجح هو الذي يتقن دوره أياً كان هذا الدور.. فقد يكون بطل الفيلم يمثل دور خادم وليس دور أحد العظماء.. لا تبحث اذن عن وظيفة كبيرة تظهر فيها نجاحاً.. إنما كن ناجحاً في أية وظيفة تعهد اليك.

***

والنجاح يدخل في أمور الدين وتادنيا علي السواء:

فالانسان الروحي الناجح. هو الذي ينتصر في كل الحروب الروحية. فلا تقوي عليه خطية أو إغراء. ولا أية حيلة من كافة حيل الشيطان..وكمثال لهذا النجاح كان يوسف الصديق. إذ كان باراً ناجحاً لم تقو عليه اغراءات الخطية ولا إلحاحها وضغطها كذلك كان الشهداء الذين حافظوا علي إيمانهم ضد الوثنية والإلحاد. ونجحوا في ثباتهم وصمودهم أمام كل التهديدات والمخاوف. وأيضا أمام كل ألوان التعذيب.. فنالوا الاكاليل نتيجة لنجاحهم.
كذلك الذين كانوا ناجحين في جهادهم الروحي. فعبروا فترة التوبة بنجاح كبير. وبدأوا يجاهدون في طريق النمو الروحي لكل نجاح.

***

هناك نجاح واضح في مجال العلم. ونقصد العلم الذي يستخدم لأجل البشرية. وليس المستخدم في هلاكها!

كان النجاح في مجال الذرّة له دوي هائل في تاريخ العالم.
ولكن استخدامها في الحروب وفي تخريب المدن ليس نجاحاً.

نجاح العلم في المجال الطبي هو شرف كبير للعلوم. ومنه إجراء العمليات الجراحية بالليزر. واجراء عملية للجنين في بطن أمه.

كذلك كافة الاكتشافات في عالم الأدوية والصيدلة وقد كان نجاحاً قديماً في عهد الفراعنة ما وصلوا اليه في فن التحنيط.

يضاف إلي هذا نجاح آخر للعلم حالياً في مجال الاجهزة الحديثة. مثل الفاكس. والموتيل فون. والكمبيوتر الذي يتقدم يوماً بعد يوم. كذلك النجاح في الإنترنت واستخدامه في جمع المعلومات في شتي الفنون والأخبار والبحوث العلمية..

ولكن ليس نجاحاً استخدام هذه الأجهزة بطريقة خاطئة!

***

في مجالات النجاح أيضا: النجاح في الحروب:

مثال ذلك نجاح مصر في حرب أكتوبر سنة 1973. حيث أمكننا عبور القناة بطريقة يدرسونها في الكليات الحربية. وبهذا تمكن جيشنا الباسل من استرداد أراضينا في شبه جزيرة سيناء. وسجل هذا النجاح تاريخاً مشرفاً لمصر وقواتها المسلحة.
ومن القصص البارزة في تاريخ الحروب. ما قام به هتلر من انتصارات مذهلة اكتسح بها بلاداً قوية. ولكن نجاح هذا القائد لم يستمر. بل انهزم في معركة العلمين. وضاعت هيبة نجاحه السابق. واعتبر من مجرمي الحرب. وأضطر إلي الانتحار.
يذكرنا هذا بنجاح نابليون بونابرت من قبل. حتي أصبح هو أيضا أسطورة. ولكن استدرج إلي الداخل بطريقة أوقعته في حصار اقتصادي. وانهزم وقبض عليه. ونفي في إحدي الجزر. وكانت نهايته مأساة أضاعت كذلك هيبة تاريخه ونجاحه السابق.
وبهذا خرجنا بنتيجة هامة وهي أن النجاح يحسب باستمراريته.

***

العنصر الأساسي في النجاح ليس هو نقطة البداية فيه. إنما المهم هو نهايته واستمراريته.
? مثال ذلك تلميذ بدأ حياته الدراسية ناجحاً ومتفوقاً. ثم صادق مجموعة من الأصحاب أضاعت وقته. أو انشغل بحب فتاة شغلت ذهنه. فما عاد يركز ذهنه في دروسه. أو أنه وقع في عادة رديئة جعلته يهمل مذاكرته. أو أصابه الغرور بسبب تفوقه. فاعتمد علي عقله فقط دون إعطاء الوقت الكافي لاستذكار العلوم.. فلذلك كله فقد التفوق. بل رسب أيضاً.
? مثال آخر: رجل أعمال أسس شركة كانت ناجحة جداً. حتي تحولت إلي مؤسسة كبيرة. ولاتساعها لم يكن له الوقت الكافي للإشراف عليها. فاستخدم مساعدين وشركاء لم يكونوا علي درجة من الكفاءة والإخلاص. مما اضطر الشركة إلي الاستدانة. ثم انتهي به الأمر إلي الافلاس!_! نهاية لا تتفق مع البداية الناجحة!
? مثال ثالث: زوجان بدأت حياتهما الزوجية ناجحة جداً في مشاعر من الحب والألفة والاتفاق. ثم دخلت بينهما عوامل أخري. وانفعالات. واصطدامات في تفاصيل معينة. أو تداخلات من أسرتيهما.. وانتهي الأمر بالخصام والانفصال. ثم بالطلاق!
هل تظنون كل أسرة انتهت بالطلاق. قد بدأت الحياة الزوجية بالنفور والكراهية؟! كلاً. بل غالباً ما تكون قد بدأت بالحب في حياة عائلية ناجحة. ثم انتهت بعكس ما بدأت.

***

علينا إذن أن ندرس قصص الناجحين. ومقومات نجاحهم.

ولعلنا نجد في أسباب النجاح الجوهرية: العقلية وقوة الشخصية

يلزم للنجاح العقلية التي تتصف بالذكاء. والقدرة علي الفهم والاستنتاج مع الذاكرة القوية. وبالإضافة إلي ذلك الحكمة فكثيرون يفشلون في حياتهم الروحية أو المادية أو العائلية أو في معاملاتهم. بسبب نقص في الحكمة وحسن التصرف. أو بسبب عدم إفراز في السلوك الروحي. أمثال هؤلاء يحتاجون إلي ارشاد وخضوع لأبوة واعية حكيمة.
ويحتاجون إلي صلاة لكي يرشدهم الرب في طرقه. ويمنحهم حكمة من فوق من عنده. وبمناسبة أهمية الحكمة في النجاح.. نذكر قول الشاعر:

إذا كنت في حاجة مرسلاً .. فارسل حكيماً ولا توصيه

وإن باب أمر عليك التوي .. فشاور لبيباً ولا تعصيه

***

والنجاح يحتاج إلي قلب قوي. لا تهزمه المشاكل

فإن وقفت مشكلة في طريق نجاحه. لا يهتز ولا يتزعزع. ولا ينزعج بسببها. ولا يخاف ولا يتراجع. بل بعزيمة قوية يصمد. ويفكر في علاج وينتصر. تكون له الأعصاب الهادئة والفكر الهاديء والنفس الهادئة.

وإن فشل مرة. سرعان ما يقوم ولا ييأس.. ولا مانع عنده من أن يبدأ من جديد.. وإن فاتته فرصة يلتمس غيرها. في رجاء وفي صمود.

***

وفي كل هذا يحتاج إلي الصبر والتأني:

ربما لا يدرك النجاح من أول خطوة ولا من أول محاولة. فلا يتضايق بل يصبر. فالنجاح يحتاج إلي مثابرة وإلي مداومة الجهد. والإنسان الذي يدركه الملل والضجر والضيق ولا يستمر. هذا لا يستطيع أن ينجح.

انتظر معونة الرب فسوف تأتيك مهما تأخرت في نظرك. وكل عمل تعمله. لا تقلق علي نتيجته.. انتظر الثمرة حتي تنضج. حينئذ تجدها في يديك بغير صعوبة. ولا تسرع إلي قطفها قبل أوانها...

***

النجاح أيضاً تساعد عليه المواهب

والموهبة منحة من الله. يولد الانسان بها قبل أن يدرسها. وربما دون أن يدرسها. وما الدراسة الا لتنظيم الموهبة لإنشائها. فالشاعر مثلاً يوُلد شاعراً. دون أن يتعلم الشعر كما كان الشعراء في الجاهلية.

أما تعلّم أوزان الشعر وبحوره وتفاعيله. فذلك لمجرد ضبط الموهبة.. ونفس الكلام نقوله عن الموسيقي والفن والرسم.. غير ان الانسان الناجح هو الذي ينمي مواهبه.. ولا يتركها لتذبل دون رعاية.

***

والنجاح كذلك. تساعد عليه البركة والمعونة

يحتاج الإنسان إلي بركة من الله لكي ينجح. وقد ينجح بسبب بركة الوالدين ورضاهما عنه. وربما بسبب بركة أخري تأتيه من دعاء أشخاص سبق أن ساعدهم فصاروا يدعون له بالخير.

علي أن الجهد الكبير بدون بركة قد لا يوصل إلي نجاح لذلك علي الانسان أن يسعي إلي البركة في حياته. ويطلب المعونة الإلهية بالصلاة.

ويوجد أشخاص ينجحون بسبب معونات خارجية تصل إليهم. علي أن هناك أشخاصاً عاشوا عصاميين بدون أية معونة ونجحوا بالكد والجهد والصبر.

***

لا يفوتنا هذا الموضوع. دون أن نتحدث عن نجاح الأشرار

للأسف يوجد أشرار كثيرون ناجحون في حياتهم! هؤلاء وصلوا إلي لون من النجاح المادي.

عن طريق المكر أو الخبث أو التحايل. أو عن طريق الرشوة أو الكذب أو الإدعاء أو عن طريق الغش أو التزوير أو تملق الرؤساء.. أو بطرق غير شريفة...
هؤلاء نجاحهم زائف ومؤقت. وقال القديس أوغسطينوس عن أمثال هؤلاء:
إذا أشعلت ناراً. يرتفع الدخان إلي فوق وتتسع رقعته. وفي كل ذلك يتبدد. أما النار فتبقي تحت. لا ترتفع مثل الدخان. ولكنها تبقي في قوتها وحرارتها وفاعليتها. ولا تتبدد مثل الدخان في ارتفاعه.

لذلك لا تفر من الأشرار اذا نجحوا في هذه الحياة الدنيا وهؤلاء قد استوفوا خيراتهم علي الأرض. ولا نصيب لهم في السماء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:13 pm

الحركة



صدق المثل الشعبي العامي القائل: في الحركة بركة

ونحن نري أنه منذ بدء الخليقة. أوجد الله الحركة في الكون

فالأرض تدور حول نفسها أمام الشمس دورة في كل يوم. ينتج عنها تتابع النهار والليل. وتدور دورة حول الشمس كل عام. يكون من نتائجها تتابع الفصول الأربعة...

تري ماذا كان يحدث لو لم تكن الأرض تتحرك؟!

هناك دورة أخري كل شهر بين القمر والأرض. ينتج عنها أوجه القمر. وهناك حركات أخري ودورات في عالم النجوم والكواكب الشهب والمجرات.. والعجيب في كل تلك الدورات أنها دائمة ومنتظمة.

***

الهواء أيضا يسخن ويبرد. وينتج عن هذا اختلاف في الضغط.

ثم يتحرك الهواء من منطقة الضغط الثقيل إلي منطقة الضغط الخفيف.. وتنتج عن ذلك الرياح

ونفس العملية تحدث بين البحر والأرض. وينتج عنها نسيم البحر ونسيم البر. كل ذلك يحدث طبيعياً دون تدخل من يد البشر.

والهواء حولنا يتحرك. والموج في البحر يتحرك. والسحب في السماء تتحرك. وهناك تحركات في باطن الأرض تنتج عنها الزلازل والبراكين والنافورات. وتحركات في الغيوم تنتج عنها الأمطار. وتحركات في جذور الأشجار تحت الأرض. وتحركات في فروعها وأوراقها من فوق. وتحركات للطيور في الجو. وللسمك في البحر
انها الطبيعة دائمة الحركة. وحركتها دليل علي وجودها.

***

الإنسان أيضا يتحرك. وحركته هي دليل علي الحياة فيه

وإذا بطلت حركة جسده. يكون حينئذ قد مات..

فنعرف أن الإنسان قد مات. حينما تتوقف الحركة فيه: فالقلب لا يتحرك. لا خفق ولا نبض. والمخ لا يتحرك. والنفس لا يتحرك. لا شهيق ولا زفير. والدم لا يتحرك في الجسد. وأجهزة الجسم كلها لا تتحرك.. وإذا بعدم الحركة تشكل الموت. فيهمد كل شيء ولا يعمل أي عضو فيه عملاً. لأنه لا يتحرك...

أما الحركة. ففيها حيوية. وفيها نشاط. وفيها حرارة...

***

عضو الجسد الذي يمر عليه وقت طويل بدون حركة. يصاب بالخمول. وقد يمرض وقد يعجز لذلك كانت هناك فائدة كبيرة للتمارين الرياضية. تحّرك الأعضاء. فتنشطها وتقويها كذلك باقي أجهزة الجسد. إن كان بعضها لا يتحرك.. فيحتاج إلي تنشيطه. كالموتور: حياته في حركته
قديماً كانوا يسمون السيارة أوتوموبيل.. وترجمة هذه الكلمة هي "المتحرك بذاته" لانه هناك عربات أخري تحركها قاطرة وتجرها.

***

والله يريدنا ان تدب الحياة فينا. فنتحرك

يتحرك فينا العقل فيفكر. والقلب فيشعر. والإرادة فتنفذ

بل يتحرك فيه الجسد أيضا. فيتنشط ويعمل..

مدير العمل ليست وظيفته أن يجلس علي كرسيه. فيصدر أوامر لينفذها غيره! إنما عليه ان يتحرك: يترك البيروقراطية.

ويتابع تنفيذ العمل كيف يتم: يتفقد ويتابع. ويعرف أين توجد الأخطاء. ويصحح وينصح...
وعضو البرلمان عليه أن يتحرك داخل الدائرة التي انتخبته. ويتعرف علي مشاكلها واحتياجاتها. ويعمل من أجلها ما يستطيعه. كما يتحرك أيضا من جهة المعروضة علي المجلس فيدرسها ويكون رأياً.. كذلك الخادم والمصلح الاجتماعي. عليه أن يتحرك وسط الناس. ويدرس نفسياتهم وأحوالها. ويقدم العطاء والحلول...

***

قيل عن السيد المسيح في خدمته للناس إنه كان يطوف المدن كلها والقري: يعلم في مجامعها. ويكرز ببشارة الملكوت. ويشفي كل مرض وكل ضعف في "الشعب". وقيل عنه أيضا إنه "كان يجول يصنع خيراً. ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس".

إنه ما كان يقبع في مكان واحد. إنما يتحرك وسط الناس. سواء في البرية. أو علي الجبل. أو في الحقول. أو في البيوت..

وهكذا كل من يكون في موضع المسئولية. عليه أن يكون باستمرار دائم الحركة. دائم النشاط والعمل...

ليس في حدود الرسميات وحدها. بل يرتفع فوق مستوي الرسميات. ويعمل كل ما يستطيع. ويجاهد أن يصل إلي فوق ما يستطيعه الآن.

***

وفي الحياة الروحية. علي كل شخص أن يتحرك نحو الله. ونحو الناس. وداخل نفسه..

يتحرك نحو الله. بالتوبة. وبأن يفعل كل حين ما يرضيه.. يتحرك نحو الله. بالصلاة وبكل ألوان العبادة والتأمل...

ويتحرك نحو الناس بالحب والخدمة. وبالتعاون والمعاملة الطيبة. وأن يجعل له في كل قلب مكاناً ومكانة...

يتحرك نحو الناس. فلا يعتزلهم. ولا يكلمهم من فوق. كما لو كان في مستوي أعلي. بل يختلط بالناس يحبهم ويحبونه.

حقاً. إن الحياة الاجتماعية هي التحرك نحو الغير

الذي أحسن اليك. تتحرك نحوه بالعرفان بالجميل وأداء واجب الشكر. والذي أساء اليك. تتحرك نحوه بالعقاب والصفح. والذي عاداك. تتحرك نحوه بالمصالحة والسلام.

***

هناك أيضا حركة للإنسان داخل نفسه:

الذي يعيش تائهاً عن نفسه. يضل الطريق.. وكذلك من يعيش مبتعداً عن نفسه. لذلك فيجب أن يتحرك الإنسان نحو نفسه:

يجلس إلي نفسه. ويفحصها ويحاسبها. ويبكتها إن أخطأت. ويرسم لها الطريق والواجبات التي تقوم بها . إن كانت منشغلة عن ذاتها بأمور أخري. ناسية ما يجب عليها أن تفعله..!
وأيضا يجب أن يحرك نفسه للتقدم باستمرار

***

إن النمو هو حركة لازمة للفرد ولكل مجتمع أيضاً

فليس من الصالح في الحياة الروحية أو في إصلاح النفس.

أن يتجمد الانسان عند درجة معينة لا يتحرك منها

بل باستمرار يمتد إلي قدام. يتحرك بنشاط نحو الكمال النسبي. الكمال الممكن بالنسبة إلي طاقاته والي مقدار النعمة الموهوبة له.

وهنا ما يسميه البعض بالطموح.. فالطموح هو حركة في الترقي والسعي إلي دوام العلو.

والإنسان المهتم بالطموح يكون كمن يطارد الافق. وكلما يصل إلي نهاية. يمتد إلي نهاية أبعد.. ونموه يكون في المعرفة وفي العمل. وفي نوعية علاقاته بالناس. ويكون أيضا في نموه الداخلي. في عناصر الفضيلة. حيث يتحرك من سمو روحي إلي سمو أعلي.

***

ومن جهة وجوب التحرك إلي الأفضل. تعجبني عبارة قال فيها أحد الأدباء الروحيين:

عليك أن تركض في طريق الفضيلة. فإن لم تستطع أن تركض. أمش. وإن لم تستطع أن تمشي. ازحف. وان لم تستطع ان تزحف. قف ولا ترجع إلي الوراء.

إن الحياة الروحية هي حركة باستمرار تتقدم نحو الخير. والخير لا يعرف له حدوداً. اذن فلا تفكر في ما قد فعلته من خير وتسعد بهذا. انما فكّر في ما ينقصك أن تفعله من خير. لكي تضيفه إلي سجل أعمالك حتي لا ينقصك شيء...

***

واعلم ان التوقف في الحياة الروحية قد يؤدي إلي الفتور..

والفتور إذا استمر. ربما يوصل إلي البرودة الروحية. والبرودة قد تؤدي إلي الضياع

والهلاك.. لذلك فالعمل الروحي يلزمه حركة مزدوجة. في العلو وفي العمق. العلو في الدرجة. والعمق في النوعية. فالتفت إذن إلي روحياتك: هل هي جامدة. أم ممتدة إلي قدام؟ واهتم بها كيف تتحرك. ولا تقف عند حد معين.

يجب أن تتحرك. علي أن تكون حركتك في اتجاه سليم...

***

وفي تحركك الدائم نحو الخير. اعرف ان لك عدواً دائم الحركة نحو الشر. اعني الشيطان. يرصد حركاتك ليعطلها

فما دام الشيطان نشيطاً ودائم الحركة. وحيله لا تنتهي. ونشاطه لا يتوقف. وهو يتحرك نحونا بكل السبل.. إذن علينا أن تكون لنا باستمرار حركة مضادة نحوه. نصده بها...
قبل أن يتحرك نحوك بفكر خاطيء. اشغل ذهنك بأفكار روحية. حتي يجد أبواب ذهنك مغلقة في وجهه.

وقبل أن يتحرك نحوك بشهوة خاطئة. استعد له بأن يكون قلبك عامراً بالمشاعر المقدسة التي لا تقبل الشهوات المعروضة من الشيطان بل ترفضها.

إن لم تكن مستعداً بأفكار الوقاية من إغراءات الشيطان. فعلي الأقل كن مستعداً بأفكار المقاومة. التي تتحرك بها كخط دفاع.

***

وإن كنت عاجزاً عن الحركة. تجاه الهجمات الشريرة. فاطلب لك إذن معونة تحميك وتقويك

عليك اذن ان تتحرك نحو النعمة. تطلب نعمة الله لكي تساعدك وتحميك وتقويك. أو قد تأتيك هذه النعمة عن طريق ارشاد روحي ينير الطريق أمامك. ويعلمك كيف تسلك.

فالعربة التي لا تتحرك من ذاتها. تحتاج إلي عربة أقوي تدفعها إلي قدام. وتظل تحركها حتي تسخن...

المهم إذا اتتك معونة من خارج ان تستجيب لها إذا لم تستجب أنت إلي حركة من ضميرك تدفعك. فلتكن لك استجابة للمنافس التي تدفعك من الخارج وتحركك...

***

إن الحياة الروحية كلها حركة. سواء في هذا العالم. أو في العالم الآخر بعد موتنا...

حتي الموت وإن كان هو توقفاً لحركة الجسد إلا أنه لا يمنع حركة الروح التي تتحرك نحو مستقرها. حسبما كانت حالتها في الخير أو في الشر.

وقيامة الأموات هي أيضا حركة. فيها تتحرك الأرواح نحو أجسادها لكي تتحد بها وتقوم.

وبعد القيامة حركة من القائمين ليقفوا في يوم الدينونة العظيم أمام الله. لكي يعطوا حساباً عما فعلوه في حياتهم الأرضية خيراً كان أم شراً وبعد القيامة والدينونة حركة أخري نحو المصير الأبدي أما الآن. وأنتم في العالم أيها الأخوة...

تحركوا بأنفسكم نحو الخير. قبل أن تأتي الساعة التي تتحركون فيها علي الرغم منكم نحو المصير المحتوم

مازال الأمر في أيديكم. والحركة في إرادتكم. والطرق مفتوحة أمامكم. وأنتم أحرار في أيها تسلكون...

وإن سمعتم عبارة "في الحركة بركة" فاعلموا ان البركة تكون لمن يتحرك نحو الخير. فالحركة إذن هي مسئولية تحكم عواقبها نوعية الاتجاه في هذه الحركة.. وطوبي لمن يختار

الطريق السليم فإن كان الطريق السليم تصادفه عقبات. إذن طوبي لمن ينتصر علي هذه العقبات من أجل الله والوصول إليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:14 pm

الفراغ وأنواعه



بمناسبة بدء العطلة الصيفية لأبنائنا الطلبة. ووقوفهم أمام مشكلة ربما تُسمي مشكلة الفراغ. أود أن أحدثكم

اليوم عن الفراغ وبعض أنواعه:

الفراغ له أضرار كثيرة. لذلك عمل الرب علي تلافيها من بدء الخليقة.

فأوجد لأبينا آدم عملاً يعمله في الجنة. علي الرغم من أن الخير كان كثيراً فكان العمل إذن لملء الفراغ. كما أحاطه الله أيضاً بأصدقاء من الحيوانات. كان يدعوهم ويسميهم بأسماء. ولكي لا يقع في فراغ عاطفي. صنع له الله من جنبه امرأة هي حواء.

ونحن حينما نتكلم عن الفراغ. نذكر أنواعاً منه هي:

فراغ من جهة الوقت - فراغ من جهة العقل والفكر - فراغ عاطفي - فراغ في الشخصية.. ونود أن نفحصها جميعها..

***

فراغ الوقت:

كل الناس يبحثون عن وسيلة لقتل الفراغ. وبتعبير أصح لملء الفراغ - وفي هذا المجال توجد وسائل خاطئة ووسائل صالحة..

الفراغ من جهة الوقت. يجلب الملل والضيق. وأحياناً يجلب أيضاً الحزن والكآبة. كما يحدث مع بعض الذين يحالون إلي المعاش.

وهناك أشخاص يقولون "نريد وسيلة لقتل الوقت"! دون أن يدروا أن الوقت هو جزء من حياتهم.. ففي رغبتهم قتل الوقت. إنما يبرهنون علي أن حياتهم رخيصة في نظرهم!!

أمثال هؤلاء يضيعون الوقت في الملاهي أو المقاهي. أو في الكلام والثرثرة. وفي مسك سيرة الناس. وفي تبادل الفكاهات. وفي التمشي في الشوارع. أو في الجلوس طول وقتهم أمام التليفزيون أو في ألوان من المتعة - والبعض - وبخاصة الشباب - قد يقضي وقته في أحلام اليقظة. فيجلس إلي نفسه. وقد سرح فكره بعيداً. متصورًا أنه قد صار كذا وكذا من تخيلات العظمة أو المتعة. وصار وصار.. ثم يصحو فيجد نفسه لا شيء!

***

وأحيانا يصب البعض فراغهم في آخرين:

أي يبحث الواحد منهم عن زميل أو صديق. ويظل يتكلم معه مباشرة أو في التليفون. في كلام مفيد أو غير مفيد - وغالباً ما يكون كلامه فراغاً أيضاً مثله.. والمهم عنده أن يضيع وقته ووقت زميله في شيء. أي شيء.

والبعض يشغلون وقتهم في الصداقات الضارة. والبعض يشغل وقته في التدخين. كما لو كان بهذا يسليّ نفسه!

والبعض يسد الفراغ بفراغ. أو بضياع!!

***

ونحن نعجب من هؤلاء الذين يستهينون بوقتهم هكذا!

بينما هناك أشخاص كبار يبحثون عن الوقت فلا يجدونه. من فرط كثرة مسئولياتهم وكثرة انتاجهم. حتي أنهم حينما يفارقون العالم الحاضر. يتركون خلفهم فراغاً كبيراً لأن كل واحد منهم كان مجموعة من الشخصيات في ذاته..

***

الاستفادة من الوقت:

إما أن الشخص يستفيد من وقته بطريقته الخاصة. أو تكون هذه هي مسئولية المجتمع المحيط به. أو هي مسئولية الدولة: في ملء فراغ وقت الشباب.

فمن جهة الدولة: توجد مراكز الشباب. ومراكز للثقافة. للذين يلتحقون بهذه المراكز. كما توجد مراكز للقراءة كدور الكتب.

وقد رأيت في الإسكندرية. كيف يمنح الشباب فرصة للاشتراك في تنظيم المرور. والحفاظ علي نظافة المدينة. وبهذا تنتفع الدولة بهم وبوقتهم وأيضاً ينالون بعض المكافآت. ويتدربون علي خبرات وعلي محبة بلدهم ولهم في عملهم هذا. زيّ خاص يميزهم..

***

· وهناك وسيلة أخري للاستفادة من الفراغ. وهي العمل والإنتاج:

فهناك نشاط يُسمي "الأسرات المنتجة". حيث توجد فرصة للفتيات والنساء عموماً. لعمل العديد من أنواع الأطعمة وتعبئتها. أو يشتغلن بالخياطة والنسيج والتريكو وما أشبه. ويباع كل هذا في معرض.

· وسيلة أخري لملء الفراغ. وهي ما تسمي بالمشروعات الصغيرة

الدولة نفسها تساعد الشباب في هذا المجال. وتمنح الشباب قدراً من المال للقيام بمشروع صغير. مع تقديم قائمة بتلك المشروعات الصغيرة - وهي فكرة رائعة لمن يريد أن يعمل ويكتسب من عمله. دون أن يطلب معونة مع البقاء في دائرة الكسل. وفي مشكلة الفراغ.

***

وعندنا في اسقفية الخدمات في الكنيسة القبطية برنامج للعمل اسمه
Vocational Training "أي التدريب المهني"

للتدريب علي أنواع من المهن. حسب نوعية الشباب وهوايته.

*فالشاب المثقف يمكنه التدرب علي أعمال الكمبيوتر. والإنترنت. والفاكس. والتمكن من دراسة لغات معينة تفتح له مجالا للتوظف - ليس فقط في الوظائف الحكومية وحدها - وإنما أيضا في البنوك والشركات والفنادق والسياحة والطيران والهيئات الأجنبية.

· وبالنسبة إلي غير المثقفين أو أصحاب الحرف المهنية. يمكن أن يتدربوا علي أنواع من العمل اليدوي في الآلات الكهربائية. وفي أعمال السباكة. والماكينات المتنوعة. وحتي في البناء والزراعة.

فياليت شبابنا يستخدمون وقت فراغهم في اكتساب مهارات وقدرات جديدة. فإن التوظف حالياً لا تكفيه مجرد شهادات دراسية..

إنما حينما يتقدم شخص لطلب وظيفة. لابد أن تكون للمهارات الخاصة أفضلية وأولوية تضاف إلي شهادته الدراسية. فتميز طلبه..

***

أيضًا هناك ما يعرف باسم "النشاط الصيفي" في كثير من الهيئات والجمعيات. ومراكز الشباب..

في بدء قيامة ثورة يوليو. في أواخر الخمسينيات. كانت هناك حركة واسعة في تشغيل الشباب في عملية تشجير لبعض المناطق الصحراوية.. وحالياً بعض الهيئات تجند الشباب لخدمة المناطق العشوائية. أو لخدمة المعوقين علي اختلاف نوعياتهم. من صم وبكم. ومكفوفين. وأصحاب إعاقة عضوية. والاهتمام بهم من كل ناحية.. كذلك تدريب الشباب علي محو الأمية في بعض المناطق كالريف والأحياء الشعبية.
والبعض يعمل في ميدان الافتقاد. والبحث عن الشباب الضائع. وفي خدمة الذين ليس لهم أحد يذكرهم.

***

كذلك - في ملء فراغ الوقت عند الشباب - هناك من يكتشف مواهبهم الفنية. ويشجعها ويوظفها

فهناك شباب لهم مواهب فنية في كتابة القصة. وفي الموسيقي والشعر. وفي الرسم والنحت وكافة أنواع الفن. ولكنهم لا يجدون من يشعر بهم. ولا من يهتم بهم. وكان الأولي أن تكتشفهم مدارسهم التي تعلموا فيها. أو مراكز الشباب. وأن تقام مسابقات يساهم فيها هؤلاء الشباب. وتظهر فيها مواهبهم. وتجد من يرعاهم.

ولعل من المظاهر التي نبغ فيها البعض. نحت تماثيل صغيرة تشبه ما يتطلع السائحون إلي اقتنائه من معالم التاريخ المصري القديم.. ونشر ذلك الفن في المناطق السياحية. وما يدره من دخل مالي ومن شهرة.. مع أمور أخري يتخصص فيها فنانون لخدمة السياحة

***

مما يمكنه شغل وقت الفراغ أيضاً ما يسمي Advanced Courses "أي المناهج أو الكورسات المتقدمة"

وذلك في مجالات متعددة ترفع مستواهم الثقافي كما ترفع مستواهم المهني وتزيدهم مهارة في التدريب. وفي نفس الوقت تملأ الفراغ بما يفيدهم ويسمو بعلمهم.

* * *

الفراغ العاطفي

الفراغ العاطفي قد يوجد عند الصغار وعند الكبار.

الفراغ العاطفي عند الصغار:

هو عدم إشباع عواطفهم من نحو والديهم واخوتهم وأقربائهم وأصحابهم. ومن مظاهر هذا الفراغ وجود ابن وحيد ليس له أخ يسليه لذلك فأنا انبه دائماً إلي خطورة الاكتفاء بولادة طفل واحد فيجب مراعاة شعور الابن من حيث وجود أخ أو اخت له: يلعبان معا ويتحدثان معا ويتسامران معا ويتشاجران معا ثم يصطلحان في نفس الوقت..

ان الأطفال ان لم تشبع عواطفهم داخل بيوتهم يتعرضون إلي خطورة اشباع العاطفة خارج البيت مما لا تضمن نتائجه..

* * *

وقد يحدث ذلك إما لعدم اهتمام الوالدين بهذا الجانب العاطفي في حياة أبنائهم أو ظنهم ان الطفل حينما يكبر بعض الشيء لايحتاج إلي الإشباع العاطفي كما كان في طفولته الأولي وهذا خطأ واضح فأبناؤكم يحتاجون إلي العاطفة مهما كبروا.. انما تتنوع هذه العاطفة في كيفيتها وفي درجتها حسب نوع السن ونوع النضوج العاطفي ونوع الاحتياج.

* * *

وقد لايهتم الوالدان باشباع عاطفة أبنائهم بسبب انشغالهم

الأب بسبب انشغاله طول اليوم في العمل لكسب المال أو الشهرة حتي إذا رجع إلي البيت يكون منهكا وغير متفرغ لتدليل أولاده أو يرجع لمجرد حفظ الضبط والربط في محيط البيت فينتهر ويعاقب ويفقد مشاعره كأب ليحتفظ بمسئوليته وهيبته كرب اسرة!

كذلك إذا كانت الأم من النساء العاملات وتنشغل عن أطفالها وتتركهم إلي عناية المربيات وقد حرموا من عواطف الأمومة.

* * *

وقد يفقد الأطفال عاطفة البيت بسبب التمييز Discrimination

كأن يهتمون بالولد أكثر من البنت وقد تكون الابنة جوعانة إلي هذه العاطفة ولا تجدها وقد يحدث التمييز بسبب تفضيل البكر علي الصغير أو العكس أو تفضيل الابن المولود حديثا عمن سبقه. أو تفضيل ابن أكثر جمالا أو "دردحة" علي الأقل معه.

وكل ذلك يوجد غيرة عند الأطفال ويشعر بعضهم انه مضطهد أو مهمل أو لا يجد عناية مثل غيره وقد يلجأ إلي خال أو عم أو جد أو جدة لتعويضه عما فقده من حنو ولكن الخطورة أن يبحث عن ذلك خارج البيت.. وربما يكون سبب فقدانهم الحنو. هو ما يدعيه بعض الآباء من الحزم!

* * *

صدقوني ان الاشباع العاطفي يحتاج إليه بعض الكبار أيضاً

من هذا النوع المسنون والمسنات ممن ننشيء لهم بيوتا لرعايتهم بعد وفاة أحد الزوجين وتعيين الأولاد في وظائف ف بلاد بعيدة أو تزوجهم وتفضيلهم أن يحيوا وحدهم. أو بسبب الهجرة وهكذا يبقي الكبار يعانون الوحدة. وليسوا فقط يحتاجون إلي الرعاية. بل أيضاً إلي ملء الفراغ العاطفي.. نفس العاطفة تحتاجها الأرامل ممن فقدوا شريك الحياة رجالاً أو نساءً. ويحتاج إليها الذين احيلوا إلي المعاش. وفقدوا ماكان يقدم لهم من كلمات طيبة أثناء عملهم. وكذلك من كانوا في مركز له سلطة وخرجوا منه.

* * *



إشباع الروح والفكر

هناك من يشبعون أنفسهم عن طريق العقل والفكر. كبعض العلماء وأساتذة الجامعات الذين يتفرغون للدراسة والبحث والإنتاج العلمي ويجدون في ذلك ما يشبع نفوسهم ويرضي مشاعرهم.

والبعض يشبع عاطفته بمحبة الله ومن هذا الاشباع قال القديس اوغسطينوس في صلاته إلي الله "سيظل قلبي قلقا إلي أن يجد راحته فيك" علي أن البعض يشبعون عواطفهم بمحبة الذات والتمركز حولها مما يسميه علماء النفس بالنرجسية. إذ يعبدون ذواتهم.

* * *

وهناك أشخاص عندهم فراغ في الفكر اذ ليست لهم قدرة علي التفكير العميق

وليس لهم سوي تفكير سطحي وأحيانا لا يفكرون علي الإطلاق تفكيرا يشبعهم. وليست لهم قدرة علي التأمل. وبالتالي ليست لهم أهداف كبيرة في حياتهم. فهم يعيشون علي هامش الحياة. وحياتهم عبارة عن فراغ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:15 pm

لا يغلبنّك الشر



حقاً. ما أجمل هذه العبارة:

لا يغلبنّك الشر. بل اغلب الشر بالخير

فحياة الإنسان كثيراً ما تكون فيها مواقف اختيار أو اختبار: إلي أي الأمرين ينحاز: إلي الخير أم إلي الشر؟! وقد يظن المرء أن صالحه يكون في جانب معين. وربما يكون في هذا الجانب مغلوباً من الشر!
إنها مشكلة مباديء. أو مشكلة مفاهيم. أو مقاييس..

متي يكون الإنسان غالباً بالحقيقة؟ ومتي يكون مغلوباً؟

إن هابيل البار قد قتله أخوه. فمن منهما كان المغلوب؟

القاتل أم القتيل؟ بلا شك أن القاتل كان مغلوباً.. غلبه الشر...

وبنفس المنطق نسأل: من كان الغالب في عصور الاستشهاد؟ هل هم أباطرة الرومان القساة الطغاة. الذين استطاعوا أن يعذبوا ويقتلوا من لم يعبد آلهتهم ولم ينجر لأصنامهم؟ أم كان أولئك الأباطرة مثل نيرون وديوقلديانوس مغلوبين حقاً من الشر والقسوة والوثنية!!

***

إن أول من غلبه الشر هو الشيطان...

غلبه الشر. فأسقطه من درجته الملائكية. فهبط من السماء إلي الأرض هو وكل أعوانه. وعلي الرغم من أنه يغلب الكثيرين من البشر. ويسقطهم معه. إلا أنه في كل ذلك يعتبر أنه مازال مغلوباً من شره. يزيد إلي شره شراً. وإلي عقوبته عقوبة...

إن الغالب بالحقيقة. هو الذي يغلب نفسه. وليس من يغلب غيره.

هو الذي يضبط نفسه ويقمعها. وينتصر علي نزواتها وشهواتها. ويخضعها لقيم وروحيات لا تتعداها. فتكون منه تحت حكم حازم حاسم... هذا هو الغالب حقاً. حتي لو بذل في ذلك تضحية ما أو تضحيات...

هو الذي يكبح جماح نفسه وقت الغضب. فلا ينتصر عليه الانفعال. ولا يوقعه في أخطاء تُمسك عليه. بل يكون كالجبل الصامد الراسخ. الذي مهما هبت عليه عواصف لا تزلزله. والمعتدي عليه يرجع مغلوباً...

كناطح صخرة يوماً ليوهنها ... فلم يضرها وأوهي قرنه الوعلُ

***

الغالب بالحقيقة هو الذي لا يرد الشر بالشر. ولا الإساءة بالإساءة..

لا تغلبه الإساءة فينزل إلي مستواها. ويرد بمثلها. فتكون قد أحدرته معها إلي أسفل. بل علي العكس هو يرتفع عن تأثيرها. فلا تستطيع أن تثيره من الداخل ولا من الخارج. إن الإساءة لم تغلبه.. بل كان الخير الذي فيه. أقوي من الشر الذي فيها... وكانت قوة الاحتمال الذي عنده. أقوي من عنف العدوان الذي عند المسيء...

هل تظن الشخص الإرهابي إنساناً يغلب غيره ببطشه واعتدائه؟

كلا. بل هو مغلوب من القسوة والشر. ومن الرغبة في تحطيم غيره أو قتله. وهو مغلوب من مباديء تدفعه إلي كل ذلك. وقد يكون مغلوباً أيضاً من قيادات تدفعه إلي السير في طريق لابد أن يسير فيه. سواء بإرادته واقتناعه. أو بمجرد دافع الطاعة!

***

بنفس المنطق نتكلم أيضا عن الانتقام:

إنسان يُقتل أبوه أو أخوه. فيصر علي الانتقام من القاتل أو من أحد أقربائه. فإن فعل ذلك. ونجح في الانتقام وفي سفك الدم. أيكون حينئذ غالباً أم مغلوباً؟ لا شك أن الشر يكون قد غلبه...
غلبته الرغبة الآثمة في سفك الدم. وغلبته تقاليد عائلية تنص علي أن الدم لابد أن يقابل بالدم. وغلبه الشعور الخاطيء بالعار. إن لم يقتل قاتل أبيه أو أخيه. وعبثاً تحاول أن تغطي علي ضميره النشوة المؤقتة التي تشعره بأنه من الغالبين بقتل القاتل وعدم تركه إلي قبضة القانون لكي يقتص منه...

***

الإنسان يكون مغلوباً أيضاً إذا غلبه الشر في عادة رديئة...

كعادة التدخين مثلاً. فقد يظن فتي أو شاب أنه قد صار رجلاً. حينما يضع كالرجال سيجارة في فمه. وينفث دخانها في الهواء.. وحينما نري فيما بعد أنه لم يعد قادراً علي إبطال هذه العادة. يتيقن تماماً أنه قد صار

مغلوباً منها. سواء كانت سيجارة أو سيجاراً. أو بيبة أو شيشة.

وما يقال عن العبودية للتدخين. يقال عن العبودية للخمر. أو لأي نوع من الإدمان. فالإدمان اعتراف من

المدمن أنه مغلوب مما قد أدمن عليه...

في كل هذا يكون المدمن قد فقد إرادته. ولم تعد له قوة الشخصية التي يبطل بها ما قد دخل في سيطرته من أنواع الإدمان وهنا تقف أمامه عبارة "لا يغلبنك الشرّ".

إننا نذكر بحزن شديد ذلك الرياضي الموهوب الشهير. الذي أدمن بعض المنشطات تساعده في لعب كرة القدم. فإذا به قد صار مغلوباً من هذا الإدمان. وفقد شهرته وسمعته ونجوميته. وضاع كغيره...!

***

إن الشر له حيله ووعوده وخداعه. فاحذر منه لئلا يغلبك

قد يغلبك الشر من الخارج بأحلام ورؤي كاذبة. فتنقاد بها ظاناً أنها من الله. بينما لا تكون كذلك فتضلك.

فاحذر منها. واحذر من الذين يدعون المعرفة بالمستقبل. عن طريق التنجيم. أو قراءة الكف. أو ضرب الرمل. أو قراءة الفنجان. وما أشبه من الطرق العديدة التي يقودونك بها. ويدفعونك إلي سلوك أسلوب

معين. فإن أطعتهم يكن قد غلبك الشر.

وقد يُصور لك الشر أحياناً بأنه خير. فيخدعك وتتبعه!

وحينئذ يكون قد غلبك الشر. وصدق الحكيم حينما قال:

"توجد طريق تبدو للإنسان مستقيمة. وعاقبتها طرق الموت".

***

وقد يأتيك الشر من صحبة ضالة مضللة تلبث ثياب الأصدقاء!

إما بنصيحة خاطئة. أو بدعوة للاشتراك معهم في عمل خاطيء.

فعلي الشخص أن يكون قوي الشخصية. لا ينقاد إلي غيره. بل تكون له مباديء وقيم لا يتزحزح عنها. مهما

كانت إغراءات الأصدقاء.

والأفضل من كل هذا. أن يحرص كل إنسان علي اختيار نوعية أصدقائه. بحيث أن يكونوا محبين للخير يرفعونه معهم إلي فوق.

والشر الذي يأتي من الخارج. قد يكون من البيئة أو من الكتب أو من الصحف. أو من سائر وسائل الإعلام. ومن جهة هذه ينبغي الحرص في انتقاء ما يفيد. والبعد عن كل ما هو معثر..

***

وقد يأتي الشر من داخل الإنسان. من شهوات نفسه...

وما أكثر الشهوات التي تحارب الإرادة. وكلها من القلب. إن لم يكن القلب طاهراً ونقياً. فلا تجعل واحدة من هذه الشهوات تغلبك أو تقودك في تيارها...

اغرس محبة الله ومحبة الخير في قلبك. واعمل علي إنمائها بتداريب روحية متنوعة وكثيرة. واقرأ عن سير الأبرار الذين حافظوا علي نقاء سيرتهم. وقاوموا الشر بكل ما يملكون من جهد.
قاوم شهوة الجسد. وشهوة حب الظهور. وشهوة حب المديح. وشهوة التعالي علي الآخرين. وشهوة الانتقام. وباقي الشهوات التي تلطخ جمال نفسيتك. ولتكن لك إيجابيات ضدها.

***

وباستمرار اهتم بنقاوة الفكر والقلب والحواس...

لا تسمح لأي فكر خاطيء أن يغلبك. وأن يدخل إلي ذهنك ويستمر فيه وقتاً. ولا تسمح لهذا الفكر أن ينمو. وأن يتحول في داخلك إلي حكايات وقصص تشبع بها نفسيتك...

لا تجعل الفكر يتحول إلي رغبة تتحمس لها. ولا تجعل أمثال هذه الرغبات الخاطئة أن تتحول إلي شهوة تضغط علي إرادتك لكي تدفعها إلي التنفيذ. لا تغلبنك كل رغبات قلبك إن انحرفت. بل وبخها. واطردها عنك. قبل أن تستقر فيك.

كذلك كن حريصاً علي حواسك وبخاصة النظر والسمع لأنها كلها أبواب للفكر. فما تنظره وما تسمعه. قد يكون مادة لفكرك.

إذن لا تسمح أن تغلبك الحواس. فتنقاد إليها وتضر نفسك. بل حاول باستمرار أن تضبط حواسك فيما تجمعه وما تصبه في الفكر.

***

أيضا احرص علي ألا يغلبك لسانك. بما يحمل من أخطاء الكلام

واذكر قول داود النبي في المزمور "ضع يارب حافظاً لفمي. باباً حصينا لشفتيّ". واعرف أن كل ما تلفظه بفمك. لا تستطيع أن تسترجعه مهما ندمت عليه. بل هو محسوب ضدك.

ما أكثر الذين يقعون في أضرار عديدة بسبب ألسنتهم!

فلا تجعل لسانك يغلبك. واذكر عبارة ذلك القديس الذي قال "كثيراً ما تكلمت فندمت. وأما عن سكوتي. فما ندمت قط"...

إذا كلمك أحد. فاحترس ألا تقاطعه أثناء كلامه. أو أن يعلو صوتك عليه. ولا يتحول حواركما إلي شجار أو عراك. كما ينبغي أن تحرص في انتقاء الألفاظ التي تستخدمها. فلا تكون جافة ولا قاسية ولا نابية. وإلا يكون لسانك قد غلبك...

***

أيضاً احرص كل الحرص ألا يغلبك طبعك. إن كانت فيه أخطاء..

مساكين أولئك الذين يغلبهم طبعهم. إن كان في طبعهم التحرش بالآخرين. أو كان في طبعهم قسوة أو عنف. أو حب السيطرة علي الآخرين. أو التدخل في خصوصياتهم بدون وجه حق. أو كان الطبع عدوانياً أو شتاماً أو متسلطاً.. وفي تحليل أخطاء هذا النوع من الناس. نقول إنه مغلوب من طبعه!
راقب إذن طباعك. وأعرف ما هو الخطأ الثابت فيها. وحاول أن تغيرّ ما فيك من طباع خاطئة. وليس هذا أمراً عسيراً. فكثير من التائبين تحولوا إلي العكس. فاحكم ياأخي علي نفسك قبل أن يحكموا عليك.

***

وسنحاول هنا أن نعرض بعض الطباع التي ينغلب بها كثيرون:

هناك من يغلبه الطمع. فيسود علي طباعه. فهو يحب الكثرة بأنواع عديدة بغير ضابط. كالتاجر الذي يحتكر السوق لكي يتحكم فيه. أو الذي يبالغ في رفع الأسعار. غير مبال باحتياجات المشترين...

وهناك من يغلبه الغش. ويري أنه أقصر طريق يوصله إلي ما يطلب. كالبائع الذي يغش في تجارته لكي يكسب. وكالتلميذ الذي يغش في امتحاناته لكي ينجح.

كل أولئك تصوروا أنهم يصلون إلي "الخير" الذي يريدونه. بينما هم مغلوبون من الطمع أو من الغش.
والبعض قد يكون مغلوباً من الكذب. ظاناً أنه بهذا الأسلوب يغطي علي أخطائه. وينجو من المسئولية! أو أنه بالكذب يمكنه أن يصل إلي الغرض الذي يريده..

والبعض قد يلجأ إلي العناد مثل فرعون حاسباً أنه باستمرار العناد سوف يثبت علي وضعه. ويصل!!

***

وهناك طباع أخري. أو وسائل خاطئة. يري بها البعض أنها توصله إلي هدفه. بينما لا توصله إلا إلي الضياع!

منها الحيلة والخداع. أو ما يمكن تسميته بالتحايل...

وقد يحاول البعض أن يعتبره لوناً من الذكاء. أو قل من الدهاء. يلجأ إليه المبدأ المكيافيلي القائل بأن الغاية تبرر الواسطة!

علي أن الأبرار يرون أنه لابد من واسطة سليمة لتوصل إلي غرض سليم...

***

البعض قد تغلبهم الرفعة والكبرياء يلجأون إليها باسم الكرامة

وهؤلاء خطيئتهم الأولي هي [الذات]. فهم متمركزون حول ذاتهم. يعملون علي علوها وتمجيدها.. وتكون الكبرياء هي الوسيلة.

علي أن هذا النوع من الناس غير محبوب. وغير متجاوب مع غيره. ويلزمه التواضع لكي يعالج به كبرياء الذات.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:15 pm

الروح والحرفية



كثير ما يقع بعض الناس في مشاكل. ويوقعون غيرهم في مشاكل. لأنهم يهتمون بالحرفية وليس بالروح!

منذ أكثر من خمسين عاماً. كان أحد رؤساء المصالح في خلاف شديد مع الموظفين. وكانوا يكرهونه جداً. فجاء يعرض مشكلته عليّ. وقال لي: "لست أدري لماذا يكرهني هؤلاء. بينما لم أتصرف معهم أي تصرف يكون ضد القانون؟!" فقلت له إن مشكلتك أنك لا تتصرف معهم إلا بالقانون وليس بالحب. كما أنك تعاملهم بحرفية القانون وليس بروحه!!".
وقلت له أيضا إن القانون أعطاك سلطة عليهم. والله تبارك اسمه أعطاك عقلاً به تحسن استخدام السلطة في حكمة.

والسلطة في روحها أعطيت لتنظيم العمل. وليس للسيطرة.

مدير آخر في سوء استخدام سلطته. فقد هيبته علي مرءوسيه. وكانوا لا يطيعونه أحياناً..! فقال لأحدهم في انتهار "ألا تعلم أنني رئيسك؟!" فأجابه ذلك الموظف في جرأة "أنت لست رئيسي. بل أنت رئيس فقط علي هذه الأوراق التي علي مكتبي.."

***

كلنا نخضع للقانون. ولكن القانون يُفهم بروحه وليس بحرفية نصوصه.

لذلك توجد للقانون مذكرة تفسيرية. توضّح الهدف منه. وحدود تنفيذه. والحالات الاستثنائية الخاصة به. وذلك حتي لا ينحرف البعض في فهمه. ويفسره أو يطبقه بطريقة خاطئة..!

نعم. ما أكثر ضحايا التطبيق الخاطئ للقانون. الذي يصبح فيه سيفاً علي رقاب البعض. وليس ميزاناً توزن به أعمالهم..!

وما أكثر الذين يبحثون عن بعض الضوابط في تنفيذ القانون ليجعلوها عقداً أو عراقيل!

وما أكثر الذين يفتشون عن ثغرات معينة في أي قانون. ليتخذوها وسيلة للهروب من القانون نفسه. وقد يحكم القضاء بأمر ما. ويقوم البعض بإشكالات تمنع التنفيذ. وللأسف بنصوص أخري من بعض القوانين!
ولكل اولئك نقول: أين روح القانون؟ وأين هيبته؟

***

هناك حكم يقول "القاتل يُقتل". ولكن القضاء في عدالته لا يأخذ بحرفية هذا المبدأ. إنما يراعي روحه بكافة التفاصيل.

فيدرس القضية وظروفها. وهل حدث القتل عفواً أو عرضاً أو خطأً أو سهواً. أو عن طريق الإصرار والترصد وسبق الإعداد وإحكام الخطة؟ وهل القاتل كامل العقل أم مختل أم مجنون؟ وهل وقت ارتكاب الجريمة كان في كامل إرادته وحريته؟ أم كان مرغماً أو مضطراً أو مستفزاً أو محرضاً من غيره؟ وهل ارتكب الجريمة دفاعاً عن النفس. أم دفاعا عن الشرف. أم دفاعاً عن غيره؟ أم بقصد الحقد أو الانتقام أو السرقة أو بنية خبيثة؟..

وبعد فحص القضية من كافة نواحيها وحيثياتها. ودراسة حالة الجاني من حيث عقليته ونفسيته وإرادته ونيته. وبعد سماع الشهود ومرافعة النيابة والدفاع.. أخيراً يحكم القاضي بالإعدام أو بالسجن. أو بالبراءة أحياناً. أو بالإيداع في مستشفي الأمراض العقلية.

إن الأمر ليس مجرد حرفية القانون بقتل القاتل. إنما بروح القانون الذي يدرس ويحقق قبل أن يحكم.

***

إننا نؤمن بسيادة القانون. ونؤمن أيضاً بعدالة القانون ومدي مطابقته لحقوق الإنسان. ومدي شرعيته.

ولهذا فقد يحال الأمر أحياناً إلي المحكمة الدستورية العليا. لمدي معرفة دستورية القانون وهل يجوز تعديله..؟
ما أكثر ما تغيرّ الدول أو تعدّل من قوانينها. نظراً لدراسات معينة. أو لتغير الظروف والملابسات. أو لوجهات نظر سياسية أو اجتماعية أو لأسباب أخري.. كما حدث مع بعض قوانين التأميم أو المصادرة. وبعض قوانين الضرائب والجمارك

والحقوق السياسية. وتنظيمات الأحزاب وإجراءات الانتخابات.

إن تطوير القوانين يدل علي وعي سياسي ولون من التطور. دون التجمد عند حالة من النصوص القديمة لا تتغير..!

***

المهم في تعديل القانون. هو روح القانون وهدفه.

وبناء علي الهدف. يمكن صياغة النصوص لتحقق الغرض المطلوب. وإلا فما هو هدف الدراسات القانونية؟ وما هي رسالة الهيئات المنوطة بالتشريع؟ هل كل ذلك لمدح القديم والثبات عليه؟ أم أيضاً لدراسته ومعرفة نقاط النقص وما يجب استكماله؟ فمثلاً القانون الذي تقف عقبات عملية في طريق تنفيذه. يحتاج إلي دراسة هذه العقبات وطريقة التخلص منها. حتي لو أدّي الأمر إلي تعديل القانون أو إعادة صياغته. لكي يكون عملياً في تنفيذه.

***

ومن جهة روح القانون. نذكر أن بلاداً معينة تسير بالروح وليس بالنصوص. في تقاليد ثابتة لها سلطة القانون عملياً.

كذلك هناك مجتمعات كثيرة تحكمها عادات. أو تقاليد أو قواعد مرعية تسمي أحياناً Culture أو تسمي Traditions ولا يهم أن تسندها قوانين معينة. إنما يكفي الاقتناع بها اجتماعياً.

ويحدث هذا أيضاً في بعض القبائل العريقة. وبين العائلات المتمسكة بالتقاليد وبالقيم. وهذه القيم أثبت من القوانين. لأن لها العمق. وليس مجرد الشكليات والنصوص.

***

إن مبدأ الروح وليس الحرفية. يصلح أيضاً في التربية.

وذلك بتعليم النشء مبادئ يسير عليها. وليس إغراقه في عديد من الوصايا لا يدري عمق روحها.. وكما قال الشاعر:
إذا كنتَ في حاجةي مرسلاً .. فارسل حكيماً ولا توصيه

وإن باب أمرِ عليك التوي .. فشاور لبيباً ولا تعصيه

نعم. إنه في الحكمة. يمكن ممارسة روح القانون وروح الوصايا جميعها. وليتنا نربي أبناءنا علي الحكمة في التصرف. ونترك لهم موازين التفاصيل لكي يدبروها بالحكمة دون الاعتماد علي حرفية النصوص.
فليست التربية هي مجموعات من الأوامر والنواهي. إنما تأتي بالروح التي توصل إلي الحياة الأفضل.

***

كذلك الأسرة وتماسكها. لا تسير بمجموعة نصوص من قانون الأحوال الشخصية. إنما بروح المحبة والتفاهم بين الزوحين.

فلا يتمسك الزوج بعبارة "الرجل رأس المرأة" أو بعبارة "الرجال قوامون علي النساء". إنما يدخل إلي الحياة الزوجية بروح المودة والتآلف. التي تجعل المرأة تخضع لزوجها عن حب وبذل. وليس خضوعاً لسيطرة مفروضة عليها من الرجل..!
ونحن نصل إلي تثبيت هذه المودة بالتفاهم وبالاقناع الذي هو أقوي من أي نصوص في القوانين. إنه الروح وليس الحرف.

***

إننا نأخذ درساً في الروح والحرفية. من قصة الكرمة. والفرق بين عنب التكعيبات والعنب الأرضي.

في التكعيبات تستند كرمة العنب علي التكعيبة وتنتشر عليها. بحيث إذا لم توجد التكعيبة. تقع الكرمة وفروعها علي الأرض وتفسد. أما العنب الأرضي فيربي بحيث يرتكز علي ذاته. دون أية دعامة تسنده من تكعيبة. وهكذا لا يسقط علي الأرض.
إن التكعيبة تمثل في الحياة الحرفية للإنسان مجموعة الأوامر والنواهي التي إن لم يرتكز عليها يضل طريقه في الحياة.
أما العنب الأرضي. فيمثل حياة الإنسان المرتكز علي ذاته. بقيم ومبادئ داخل نفسه. تثبت مسيرته في الخير. دون أن يسأل في كل طريق يسلك فيه ماذا أفعل لكي لا أخطئ؟

***

وكما تكلمنا عن القوانين والوصايا. نتكلم أيضاً في محيط الحياة الدينية. وهل هي تعتمد علي مجرد آيات ونصوص؟

كثيرا ما يُستخدم نص معين. أو إحدي الآيات. في توجيه حياة الإنسان في اتجاه ما. علي غير ما يقصده الدين!!
فالدين ليس مجرد آية واحدة. ربما قيلت في مناسبة معينة. لغرض خاص. إنما الدين هو تعليم شامل متكامل يوجه الحياة الإنسانية كلها نحو الخير والفضيلة والصالح العام.

وحكيم هو الإنسان الذي يفهم الدين كله في روحه. دون أن يتعلق بآية واحدة. عن غير فهم بالقصد منها..!
وبنفس الوضع. سنتحدث عن الفضائل الدينية. في روحها وليس في مجرد الشكل والنص والحرف.

***

خذوا فضيلة الصوم مثلاً. بين الروح والحرفية.

الصوم قبل كل شيء هو وسيلة لضبط النفس: تبدأ من جهة الطعام أولاً. وبها يتدرب الصائم علي ضبط النفس من جهة كل شيء. فيحيا حياة فاضلة ترضي الله.

وليس الصوم في روحه هو مجرد اخضاع للجسد فترة معينة. يفعل بعدها الإنسان ما يشاء! كأن تنتهي فترة انقطاعه عن الطعام. بخضوعه لشهوة التدخين أو الخمر. وكما قال الشاعر:

رمضان ولّي هاتها يا ساقي .. مشتاقة تسعي إلي مشتاق

فهذا الذي يشتاق إلي الخمر. ويفرح بانتهاء الصيام ليشبع شهوته في الخمر.. هل نال هذا الصائم ما يهدف إليه الصوم من ضبط للنفس؟! أم أخذ من الصوم حرفيته وليس روحه؟!

لذلك يصوم كثير من الناس. ولا يستفيدون من الصوم. لانهم سلكوا في صومهم بطريقة حرفية. بعيدة عن روحانية الصوم وهدفه!

***

كذلك مفهوم الصلاة: حرفيا هي حديث إلي الله. أما روحياً فهي الصلة بين الإنسان والله.. ومن معني الصلة أتت عبارة الصلاة.

فماذا إذن عن الذي يصلي. ولا يشعر بأية صلة بينه وبين الله؟

ألا ينطبق عليه قول الله عن صلوات بعض اليهود "هذا الشعب يعبدني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيداً".
عن مثل هؤلاء. قال أحد الآباء "إن حوربت بهذه الحالة. فوبخ نفسك قائلاً: أنا ما وقفت أمام الله لكي اعدّ ألفاظاً"!

وقد يكون ذلك في الصلاة بغير فهم ولا روح ولا مشاعر! وبدون خشوع أمام الله. وبدون حرارة ولا حب!! وقد يصلي مثل

هذا الإنسان ويطيل الصلاة. دون أن تصعد صلاته إلي الله!

إنه يصلي أو يظن أنه يصلي وصلاته ليست صلاة!

يظن أنه يعطي الله وقتاً. أو يؤدي لله فرضاً!! دون أن يعطي لله قلباً! بينما يريد الله القلب قبل كل شيء.
مثل هذا الشخص يسلك حسب الحرف وليس حسب الروح!

***

نتطرق إلي العطاء. أو كما يسمي أحياناً بالصدقة.

العطاء في روحه هو المشاركة بالحب والقلب مع المحتاجين غير أن البعض قد يعطي من جيبه. وليس من قلبه!

وقد يعطي عن اضطرار. أو عن افتخار. أو لمجرد أداء واجب. أو خجلاً ممن يطلبون منه العطاء.. وفي كل ذلك لا تشترك عاطفته في العطاء. يكتفي بالحرفية دون الروح.

لذلك فإن المعطي بسرور يحبه الرب. ويحبه أيضاً الذين يتلقون منه العطاء. كذلك من روح العطاء أنك تدرك أن الله قد أعطاك ما تعطيه. وأعطاك الفرصة لكي تعطي. فتشكره علي ذلك.

***

عموماً نحن نريد أن ندخل في عمق الفضيلة. في روحياتها وليس في حرفيتها. والروحيات تبدأ من القلب.

العفة مثلاً ليست هي الاحتراس الخارجي من الخطأ. إنما هي عفة القلب في كل شيء. فقد يوجد من يحفظون العفة بأجسادهم. أما أرواحهم من الداخل فخاطئة تشتهي الخطية.

والاتضاع هو حالة الروح من الداخل. وليس الاتضاع مجرد مظهر خارجي وألفاظ لا تعبر عن حقيقة قائلها.
وهكذا في سائر الفضائل: المطلوب هو الروح وليس الحرفية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:16 pm

الأعذار والتبريرات



قد يخطيء الانسان.. ولكنه لا يشاء أن يعترف بأنه مخطيء..

ولذلك يغطي الخطأ بالأعذار والتبريرات.

أو يحاول أن يقلل من شأن ذلك الخطأ. ويقف أمام الناس بريئاً وبلا عيب..

وما أسهل علي الضمير الواسع ان يجد عذراً لأية خطيئة يقع فيها..! وما أسهل عليه أن يبرر أي موقف. بأي كلام..!

وباب التبريرات باب واسع.. إن فُتح. اتسع لكل فعل..

وفي تبرير الخطأ. يمكن تسميته باسم آخر مقبول. أو باسم فضيلة!

فالقسوة الشديدة في التربية. يمكن تسميتها بالحزم والتأديب.. والفكاهات البذيئة يمكن أن تسمي باللطف وروح المرح.. وما أكثر الخطايا التي توضع تحت اسم الفن.. وكثير من الانحرافات في بلاد الغرب توضع تحت اسم الحرية وحقوق الانسان!!

* * *

الدافع الأول إلي الأعذار هو تبرير الذات.. والسبب الحقيقي للأعذار الخاطئة هو كبرياء النفس التي ترفض أن تعترف بالخطأ..

والذات صنم يتعبد له الانسان ويريده أن يكون كاملاً وجميلاً في عينيه وفي أعين الناس. لا تشوبه شائبة. وان وُجدت هذه الشائبة. يحاول أن يمحوها بالأعذار والتبريرات..
وتبريرات الأخطاء في حد ذاتها هي خطأ آخر قد يحط من قدر الانسان أكثر من الخطأ الأصلي الذي يحاول أن يبرره.. وربما ينطبق عليه المثل القائل "عذر أقبح من ذنب"!

* * *

والأعذار قد تكون مكشوفة ومختلقة.. وتصبح غير مقبولة.

بل قد تكون مجالاً للسخرية. وسبباً للاثارة. لأنها تدل علي استهانة بقيمة الخطأ. وتقليل من شأنه. وعدم الندم عليه مما يسبب الاستمرار فيه. وهذا طبعاً شيء مثير.
ومن هنا كانت التبريرات والأعذار ضد التوبة وإصلاح النفس ومعالجة أخطائها.. فالانسان يعالج ما يراه خطأ. أما الذي يبرره. فكيف يعالجه؟! لأنه "لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب. بل المرضي" وهكذا تكون التبريرات والأعذار. هي ضد الاتضاع وضد التوبة.. فالاتضاع يعترف بالخطأ. ولا يبرره..

* * *

علي أن هناك نوعين من التبرير: أحدهما أمام الناس.والثاني أمام النفس

فقد يوجد شخص يبرر خطأه فيما بينه وبين نفسه. وبالتالي أمام الناس.. وهذا نوع تختل في داخله القيم وموازين الأمور.. ونوع آخر يعترف في داخل نفسه أنه أخطأ.. ولكنه أمام الآخرين يحاول أن يبرر نفسه. بدافع من الخجل. أو حفظا لكرامته وسمعته أمامهم! وهذا النوع يمكن أن يصلح نفسه وعليه أن يعرف أن كرامته الحقيقية تكمن في نقاوة حياته. وليس في مظهر يظهر به أمام الناس. وقد يأتي بنتيجة عكسية!

* * *

علي أن الانسان- مهما حاول أن يبرر نفسه أمام الناس- أتراه يستطيع أن يبرر أخطاءه أمام الله العارف بالقلوب والأفكار؟!

أمام الله الحقائق كلها واضحة. لا تغيرها ادعاءات الناس وأحكامهم وتبريراتهم. ولا تؤثر عليها الأعذار.. وفي الأبدية سوف توزن أعمال الناس وأقوالهم بميزان كله دقة وحق..
لذلك كلما حوربت أيها الأخ بتبريرك لنفسك. قل بصراحة كاملة "وماذا أفعل حينما أقف أمام الله الديّان العادل؟!". واحكم يا أخي علي نفسك قبل أن يُحكم عليك..
وفي صلواتك اعترف بكل أخطائك. واطلب عنها المغفرة.

* * *

وتبرير النفس أمام الناس. قد يكون لوناً من الخداع ومن المكابرة.

وشرحاً لما حدث من الأمر علي غير حقيقته..

وعموماً. فتبرير النفس في أخطاء واضحة. هو لون من الرياء. يريد صاحبه أن يراه الناس بغير الواقع. وكما قال الشاعر:

ثوب الرياء يشفّ عما تحته .. فاذا التحفت به فإنك عارِ
وهكذا يكون تبرير الذات في أخطائها هو ضد الحق والصدق.. وبخاصة ان كان يعرف من يبرر ذاته أنه غير صادق فيما يقول.. وأيضاً إن كان يلجأ إلي الاحتماء وراء أسباب ثانوية بعيدة عن السبب الأساسي!

وقد يقف الكذب معيناً لكل خاطيء. وبيده ورقة تين عريضة كي يستر بها عريه. وذلك بأعذار وتبريرات تصرخ كلها قائلة : إنني مجرد ستار لنفس أتعبتها الكرامة والكبرياء. أو أتعبها الخجل. فتريد أن تقف أمام الناس بريئة. بأية وسيلة أو أي سبب!

* * *

والذي يبرر نفسه بعذر ما. قد ينكشف هذا العذر.

فيغطيه بعذر آخر. ويدخل في سلسلة من الأعذار والتبريرات لاتنتهي..

وقد تكون مسببة للإثارة. إن كانت أعذاراً واهية لا يقبلها العقل. وواضحة فيها الحيلة والرغبة في الهروب من المسئولية وكان خيراً لمقدم هذه التبريرات أن يصمت. إن لم يستطع أن يعترف بالخطأ. فالصمت لا يثير كالأعذار التي تدل علي استهانة بالخطأ. وعدم احترام لعقول الناس التي تكتشف زيف الأعذار.. يا ليت الإنسان يبعد عن الخطأ. الذي يحتاج إلي تغطيته بمثل هذه التبريرات..

* * *


هناك نوع آخر من التبرير. هو تبرير الأحباء والأصدقاء.

والزملاء في هيئة واحدة اجتماعية أو سياسية أو ما شاكل ذلك..

من هذا النوع تبرير الأم لتصرفات ابنها. لتحميه من نقد الآخرين أو من عقاب أبيه. وكذلك تبرير شخص لأخطاء الفرقة الرياضية التي ينتمي اليها. دفاعاً عن سمعتها. أو دفاع سياسي عن حزبه في كل تصرفاته بتبرير لكل ما يفعل وكل ما يقول. وبنفس الوضع تبرير دولة لدولة أخري صديقة أو حليفة مهما كانت أخطاؤها!!

نحن لاننكر واجبات القرابة والانتماء والصداقة. ولكن الحق هو الحق ينبغي ألا يحيد عنه أحد مهما كانت الدوافع.

والمحبة الحقيقية هي أن تنصح من تحبه ليسير في الطريق السليم ويعالج أخطاءه. لا أن تشجعه علي البقاء فيما هو فيه تبرير أخطائه..

* * *

نوع آخر من التبرير يقع فيه بعض الوكلاء أو المرءوسين أمام رؤسائهم.

لتبرير أخطاء أو انحرافات في الإدارة..

وذلك بأسلوب "كل شيء تمام يا افندم"! الذي يلجأ اليه البعض. لإيهام المدير أو الرئيس بأنه لايوجد خطأ يشوب إدارتهم. فإن سألهم عن الشكاوي التي ترد اليه. يبررون الأمر بأنها كلها شكاوي كيدية تمّ فحص أمثالها وثَبُتَ زيفها. وأحياناً يقولون في تبريرهم لذلك : نحن نعرف مصدر كل ذلك. وهو شخص موتور. رفضنا أن نصرّح له بطلب منه غير جائز. فملأ الدنيا شكاوي بعضها بأسماء وهمية. ليرغمنا علي الخضوع لطلبه!!

نصيحتي لهذا المدير أو الرئيس أن يحقق بنفسه فيما يرد اليه من شكاوي. أو يعهد بها إلي لجنة محايدة. ولايتركها إلي الحاشية المحيطة به لئلا تضلله بتبرير كل الأخطاء والانحرافات.

* * *

نوع آخر من التبرير يتعلق بتقصير البعض في شئون العبادة أو بواجباته الروحية بصفة عامة..

فقد يقصّر إنسان في صلواته. ويحاول أن يبرر ذلك بعدم وجود وقت لديه لأدائها! بينما لديه الوقت الكافي لقراءة الجرائد والمجلات. ولسماع الإذاعة والتليفزيون. ولديه وقت للسمر مع أصدقائه. وتقف مشكلة الوقت في مجال الصلاة وحدها!!

والحقيقة أنه ليست لديه الرغبة ولا الدافع الداخلي للصلاة. فيلجأ إلي تبرير زائف هو عدم وجود وقت! بينما لو شاء أن يرتب وقته بين سائر مسئولياته. لوجد الوقت... إنه إذن تبرير زائف.

وبنفس المنطق والأسلوب من يقصّر في الصوم. ويبرر ذلك بأن ظروفه الصحية لا تساعده! بل أكثر من هذا. من يفلسف الموضوع ويقول إن الله هو إله قلوب. وليس الجوهر هو الصلاة والصوم!! وماذا يمنع أن يجتمع الأمران معاً: القلوب مع الصلاة والصوم؟!

* * *

علي أن هناك تبريراً آخر يلجأ الكثيرون إليه من جهة أخطائهم الاجتماعية.
وهو قولهم "كل الناس هكذا... هل نشذّ نحن؟!"

والتعبير غير دقيق. لأنه من الناحية العملية ليس كل الناس علي خطأ. وحتي لو وُجد تيار عام خاطيء. لا يصح أن يخضع الكل له.. ومن هنا كان الأبرار الذين لا يجرفهم التيار. وشعار كل منهم هو قوله:

سأطيع الله حتي .. لو أطعت الله وحدي

وأيضاً موقف القادة والمصلحين الذين وقفوا ضد التيارات العامة والتقاليد المتبعة في أيامهم. حتي غيرّوها..

نردّ بهذا علي الذين يقولون مثلاً "الموضة هكذا" أو "هكذا العرف والتقاليد التي يسير عليها كل الناس"!!

لدينا أخطاء شائعة في حفلات الزواج. وفي زيارة قبور الموتي. وفي مناسبات عديدة. وتبرير وجودها كلها إنها متوارثة منذ زمن... وهي تحتاج بلاشك إلي تغيير. مع توعية لمن يلتزمون بها..

* * *

إن لم تستطع أن تؤثر علي المجتمع بروحياتك.

فعلي الأقل لا تندمج فيه ولا تخضع له. ولا تجعل الأخطاء التي حولك تؤثر عليك..
المفروض في الأبرار أنهم يطيعون ضمائرهم غير منجرفين مع التيار. معتذرين بأن الجو العام هو هكذا. فالقلب الضعيف هو فقط الذي يسقط..

إن نوحاً أبا الآباء عاش في جو بلغ من فساد أن الله اغرقه بالطوفان أما نوح فاحتفظ بمبادئه. وركب الفلك وحده مع عائلته..

لماذا إذن تأخذ موقفاً ضعيفاً أمام الذين يعيرونك بتدينك؟!

اولئك الذين يسخرون بالأسلوب الروحي. محاولين بسخريتهم أن يضعفوا معنوياتك. ويجذبوك إلي طرقهم.. فإما أن تكون قوياً في اقناعك لهم. وتثبت في سمو حياة الروح. أو تصمت وتظل راسخاً في طريقك..

* * *

هناك عذر آخر يلجأ إليه العديد من المخطئين. وهو أن وصايا الله بعضها صعب. والطبيعة البشرية أضعف من أن تنفذه!!

ونقول إنه لو كانت الوصايا صعبة. ما أمر الله بها. فكيف يأمر بما لا يمكن تنفيذه؟! وإلا ينطبق قول الشاعر:

ألقاه في اليَمّ مكتوفاً وقال له .. إياك إياك أن تبتلّ بالماء
اعرف ان الله عندما يعطي البشر وصيته. إنما يعطي معها القوة علي تنفيذها. فهو يعطي الوصية والنعمة معاً. غير أن البعض لا يستخدم نعمة الله المعطاة له. ويعتذر بضعفه البشري!

في طريق البر. لا تخف من خطية. ولا من عادة أو طبع. ولا من شيطان.. ولا تجعل الخوف مبرراً لك في ترك العمل الروحي.. طوبي لاولئك الذين كانوا منتصرين في قلوبهم علي الخطية. وكانت لهم الصلوات القوية التي تستنزل لهم معونة الله. ولذلك لم يعتذروا أبداً بصعوبة الوصية. ولم يتخذوها وسيلة لتبرير أنفسهم في أخطائهم.

* * *

البعض - في فشلهم الروحي - يعتذرون بوجود عوائق في الطريق...

منطق الضعفاء هو الخوف من العوائق. ومنهج الأقوياء هو الانتصار عليها.. كلما كانت أمامك عوائق في طريق البر. وانتصرت عليها. حينئذ يكون أجرك أعظم.. إنها فترة اختبار لنا علي الأرض. الله - تبارك اسمه - يجعل أمامنا طريق البر واضحاً.. والشيطان يلقي في هذا الطريق عوائق. وعلينا أن نكافح ونجاهد لكيما يقودنا الله في موكب نصرته..
ان الأبرار لم يعبأوا بالعوائق. ولم يعترفوا بها. كان الخير الذي فيهم أقوي من الشر الذي يحاربهم. فانتصروا علي كل العوائق التي تحاربهم. وساروا في الطريق والنعمة تسندهم.

حتي وصلوا ونالوا أكاليل جهادهم. وفرحت السماء بهم.

بقدر ما تكون دوافعك الداخلية قوة. بقدر ما تنهار العوائق أمامك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:17 pm

رحلة الخبر إلي أذنيك



ليس كل ما يصل إلي أذنيك هو صدق خالص.
فلا تتحمس بسرعة ولا تنفعل بكل ما تسمع وكل ما تقرأ.
ولا تتخذ إجراء سريعاً لمجرد كلام سمعته من إنسان ما...
بل تحقق أولاً.. واعرف أن كثيراً من الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن يصل إلي أذنيك. ربما تصيبه أثناءها تطورات وتغيرات..
وصدق الحكيم الذي قال: "لا تصدّق كل ما يقال"...

***

اجعل عقلك رقيباً علي أذنيك وافحص كل ما تسمعه. ولا تصدق كل خبر. لئلا تعطي مجالاً للوشاة وللكاذبين. ولمن يخترعون القصص. ولمن يصنعون الأخبار. ولمن يدسون ويشهدون شهادة زور..

كل اولئك يبحثون عن انسان سهل يصدقهم. وكما قال عنهم وعن أمثالهم أمير الشعراء أحمد شوقي:

قد صادفوا أذناً صفواء لينة..
فأسمعوها الذي لم يسمعوا أحدا
وما أجمل ما قاله أيضا عن مثل هذا الذي يصدق كل ما يسمعه بدون فحص. ويقبل الأكاذيب كأنها صدق:

أثر البهتان فيه .. وانطوي الزور عليه
ياله من ببغاء.. عقله في أذنيه


***

نعم. لو كنا نعيش في عالم مثالي. أو في وسط الملائكة. لأمكنك حينئذ أن تصدق كل ما تسمعه. ولا تتعجب ذاتك في فحص الأحاديث.. ولكن ما دام الكذب موجوداً في العالم. وما دمنا نعيش في مجتمع يشتمل علي أنواع من الناس يختلفون في مستويات اخلاقياتهم. وفي مدي تمسكهم بالفضيلة. فإن الحكمة تقتضي اذن أن ندقق ونحقق قبل أن نصدق.. ونفحص كل شيء. ولا نتمسك الا بما هو صدق وحق...

***

ولكن قد يقول شخص: إنني أصدق هذا الخبر علي الرغم من غرابته. لأنني سمعته من إنسان صادق لا يمكن أن يكذب...

نعم. قد يكون هذا الإنسان صادقاً. ولكنه سمع الخبر من مصدر غير صادق. أو من مصدر غير دقيق!!

قد يكون الشخص الذي حدثك. أو الذي حدث من حدثك. جاهلاً بحقيقة الأمر. أو علي غير معرفة وثيقة أكيدة بما يقول...

أو قد يكون مبالغاً. أو مازحاً أو مداعباً. أو ربما يكون قد سمع خطأ. أو أن المصادر التي استقي منها معلوماته غير سليمة...

***

أو ربما يكون المصدر الأصلي الذي أخذ عنه هذا وذاك. غير خالص النية فيما يقول.. وله أسباب شخصية تدفعه إلي اختراع أكاذيب أو أخبار
وهنا اتذكر قول أحد الشعراء:

لي حيلة فيمن ينم .. وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة
* حقاً. ما أكثر من يطمس الحقائق. ومن يعمل علي الدس والإيقاع بين الناس بنفسية منحرفة. ويفرح بما يفعل. بل يفتخر بذلك ويقول: قد استطعت أن ألقي بينهم "زمبة" ولسوف ترون نتائجها الخطيرة...

* وقد يكون صانع الخبر محباً للاستطلاع. يلقي الخبر الذي يخترعه. لكي يعرف مدي تأثيره علي الناس أو علي بعض الناس..!

***

وقد يود شخص أن يكون الأول في نشر الخبر. ويفتخر بذلك. ولهذا السبب. فإنه لا ينتظر حتي يتحقق من صدق الخبر. وينشره بما فيه من زيف..
وما أكثر ما يقع بعض الصحفيين في إغراء ما يسمي بالسبق الصحفي! فما ان يتلقي الواحد منهم خبراً. حتي يسرع بنشره. ويأخذه القراء كحقيقة بينما يكون كل الخبر أو بعضه بعيداً عن الواقع تماماً!! هذا بعكس آخرين لا يهتمون بالسبق الصحفي. وإنما بالتحقيق الصحفي الذي يتميز بالدقة والصدق..

* شخص آخر يسعي إلي إحداث ضجة بنشر أخباره. أو ما يسمونها "فرقعة".
ومثل هذا يهمه الضجة ويتباهي بإحداثها. ولا يبالي بصحة الخبر..!
* وشخص ثالث هدفه من نشر الخبر أن يكون له تأثير اقتصادي أو تأثير سياسي. وهو يعلم عن يقين أن الخبر غير سليم . إنما المهم عنده الهدف.. وأنت أيها القاريء العزيز تصلك هذه الأخبار وما يشبهها فتصدقها عن حسن نية. دون أن تعرف ما وراءها من أهداف أو أغراض..!

***

وربما يقول مصدق الخبر: إنني لم أسمع هذا الخبر من مصدر واحد فقط!

ويظن أن سماعه من كثيرين يجزم بصحته..!! وننصح بأنه لا يجوز أن تحكم عن طريق السماع بدون تحقيق. حتي لو سمعنا بالخبر من كثيرين...
فما أكثر ما يكون كلام الكثيرين علي وفرة عددهم له مصدر واحد مخطيء.. وما أسهل ما تتفق جماعة من الناس علي كذب مشترك.. مثلما فعل أخوة يوسف حينما بلغوا آباهم خبراً كاذباً عن ابنه أن وحشاً قد افترسه...
وقد تتآمر مجموعة من الناس وتتفق علي نشر خبر يحقق مؤامرتهم. ويؤكده كل واحد من أفراد هذه المجموعة.. وما أكثر شهود الزور الذين قرأنا عنهم في أحداث معينة رواها التاريخ في قصصه..

لهذا ليس سماع الخبر من كثيرين دليلاً علي صحته.. فربما يكون اتفاقاً بين هؤلاء علي نشر خبر معين لغرض في نفوسهم.. ويكون الخبر غير صادق..

***

من هذا المنطلق. يمكن أن نتحدث عن الشائعات التي تنتشر بين الناس. وكلها عبارة عن أخبار غير حقيقية...

وقد قيل "إن أردت أن تشعل في مجتمع حريقاً. أو تسبب فيه ضجيجاً. اطلق اذن شائعة تؤثر علي الرأي العام فيه.."

والذين ينشرون الشائعات. غالباً ما يكونون علي دراية بنفسية الجماهير ومشاعرهم وما يمكن أن يؤثر فيهم ويكون أقرب إلي تصديقهم. وربما تكون الشائعة هادفة إلي المساس بشخصية معينة. أو بهيئة ما. أو هدفها التأثير علي مجري الأمور السياسية أو الاجتماعية. وأحياناً تطلق شائعة خاصة بأحد الأمراض أو أحد الأدوية. أو لتخويف الناس من وضع معين. أو لتحميسهم لاتجاه خاص. أو دفعهم لكراهية سياسة ما...
وكثيراً ما أدت بعض الشائعات إلي هياج شعبي ضد بعض الأوضاع...
وقد تكون الشائعة محبوكة حبكاً محكماً. وربما يتباطأ المسئولون في تكذيبها. ولا يعلنون زيفها إلا بعد أن تكون قد انتشرت وتركت تأثيرها في النفوس...!
وبخاصة في نفوس العوام والبسطاء.. والأمثلة عديدة في تاريخ الشائعات.

***

والخبر الكاذب قد يكون عن عمد. أو عن جهل. أو عن طبيعة كاذبة..ووحيه " لا تكذب" ليست موجهة فقط إلي المتكلم. بل إلي السامع أيضاً..
فالذي يسمع الكذب ويقبله. إنما يشجع الكاذب علي الاستمرار في كذبه. كما يضر نفسه إذ يحيط ذاته بأشخاص كاذبين غير مخلصين.
كذلك فإن ناقل الكذب يعتبر كاذباً. وشريكاً في الكذب ونشره
ويدخل في هذا المجال أيضاً مروجو الشائعات الكاذبة. وقد يقع في هذا الأمر أيضا الاناس "البسطاء" الذين يصدقون كل ما يسمعونه. ويتكلمون عنه كأنه حقيقة بدون أي فحص أو تدقيق!!

وفي الحقيقة لا نستطيع أن نسمي هذه بساطة لان البساطة في جوهرها هي عدم التعقيد. وقد يكون الانسان بسيطاً وحكيماً في نفس الوقت. أما كون الانسان يقبل كل ما يسمعه بدون تفكير. فهذا له اسم آخر غير البساطة!!
اثنان يشتركان في مسئولية خطية الكذب: وهما قابل الكذب. وناقل الكذب..وكلاهما يشتركان مع الكاذب الأصلي في نشر كذبه...

وإن كانت بعض المشاكل قد تتسبب عن نقل الكلام. فإن أخف الناس ضرراً من ينقلون الكلام كما هو كما يفعل جهاز تسجيل الصوت الأمين المخلص. الذي لا يزيد علي ما قيل شيئاً. ولا ينقص. ويعطي صورة دقيقة عما قيل بدون تعليق...

***

إنما بعض الناس يسمعون الكلام. ويضيفون عليه رأيهم الخاص واستنتاجاتهم وأغراضهم. ويقدمون كل ذلك لإنسان آخر. كأنه الكلام المباشر الذي سمعوه ممن نطق به..!!

انظروا ماء النيل وقت الفيضان. وهو بني اللون من كثرة ما حمل من طمي.. هذا الماء كان في بدء رحلته ماءً صافياً رائقاً عندما نزل مطراً علي جبال الحبشة. ولكنه طول رحلته في الطريق. ظل يفت الطمي من الصخور ويختلط بالطين. حتي وصل إلينا بهذه الصورة...
هكذا كثير من الأخبار التي تصل إليك مشبعة بالطين. ربما كانت رائقة صافية في أولها.. والفرق بينها وبين ماء الفيضان أن طينه مفيد للأرض. أما الطين الذي خلطه الناس في نقلهم للأحاديث. فإنه ضار وخطر ومفسد للعلاقات بين الناس...

***

كثير من الأخبار عندما تصل إليك تكون أخباراً مختلفة جداً عن الواقع. وسأضرب لذلك مثلاً...

يقول شخص لآخر "ألم تسمع؟ لقد حدث كذا مع فلان" فيجيبه "لا شك انه غضب لذلك جدا". فيقول له محدثه "طبعاً غضب بلا شك".
ويصل الخبر إلي ثالث بأن "فلاناً غضب جداً بسبب ما حدث له" فيجيبه:
"من غير المعقول أن يكون قد غضب فقط. لابد أنه سينتقم".
ويصل الخبر إلي رابع انه سينتقم فيجيب "حسب معرفتي لطبعه. لابد أنه سيدبر دسيسة لمن أغضبه". ويصل الخبر إلي خامس فيقول:
"ربما يرسل خطاباً إلي مكان وظيفته. يتهمه باتهامات كيدية". فيجيبه سادس "لا يبعد أن يقول عنه إنه ضد الدولة. ويشترك مع آخرين في تدبير مؤامرات خطيرة". ويصل الخبر إلي سابع. فيسرع إلي الشخص المقصود. ويقول له: خذ حذرك فلان أرسل خطاباً إلي مكان وظيفتك يتهمك فيه بأنك تشترك في تدابير خطيرة ضد الدولة!!"..
يحدث كل هذا. وربما يكون الشخص الذي يتحدثون عنه قد تضايق في وقتها. واستطاع أن يصرف غضبه ويسامح من أغضبه.. أو يكون قد أخذ الأمر ببساطة ولم يتأثر..! أو قد يحدث سوء تفاهم بسبب الخطاب المزعوم المرسل إلي مكان وظيفته. الذي لا وجود له علي الإطلاق..!

***

لذلك أكرر وأقول "لا تصدق كل ما يقال. ولا تكن سماعاً.. وأيضا لا تصدق كل ما يكتب.

فهناك من يكتبون بقصد الإثارة. ومن يظنونها شجاعة وجرأة. ان يشوهوا سمعة بعض الكبار عن طريق كتاباتهم وبعض من هؤلاء. ترفع ضدهم قضايا سب علني وقذف.. ومنهم من يعتبرون تقديمهم إلي قضايا النشر لوناً من الشهرة.. وبعض الصحف تنشر مقالات تحت عنوان "آراء حرة" تقول في مقدمتها إنها "تحت مسئولية الكاتب"...
وبعض الكتاب ينشرون آراء خاصة بهم. لا ترقي إلي مستوي المعرفة التي يتفق عليها الجميع. والآراء الخاصة هي مجرد آراء. لا تستطيع أن تصدقها جميعاً...
ونلاحظ أن خبراً واحد قد تتناوله صحف المعارضة والصحف القومية. بتعليقات ربما يوجد فيها شيء من التناقض.. ويقف القاريء حائراً بين هذه وتلك. يتساءل: يا تُري أين توجد الحقيقة؟!

لهذا. لا تصدق كل ما يكتب. إنما تناول كل الأخبار بالفحص والتدقيق.

***

إن عقليات الناس ومفاهيمهم ليست واحدة. وكذلك فإن تعليقاتهم علي الخبر الواحد ليست واحدة...

ولقد خلق الله لك أذنين: تسمع بهما الرأي. والرأي الآخر.
وجعل العقل بينهما تحكم به علي كل ما تسمع. ولا تقبل إلا ما يوافق عقلك وتفكيرك.. وبعض الأخبار تحتاج منك إلي مدي زمني. حتي يظهر ما فيها من حق أو من الزيف. فلا تسرع إذن في حكمك.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:17 pm

الشك



الشك جحيم للفكر والقلب معاَ

قد يكون دخوله إلي الذهن سهلاً. ولكن من الصعب أن يخرج منه!

والشك يجعل الإنسان يفقد سلامه. ويفقد طمأنينته

واذا استمر الشك. يتحول إلي مرض. وإلي عقد لها نتائجها.. وهذا الشك قد يتلف الأعصاب. ويدعو إلي الحرية وكثرة التفكير. ويمنع النوم. ومن نتائجه أيضاً التردد والخجل. وعدم القدرة علي البتّ في الامور.. وهو حالة من عدم الثبات وعدم الرؤية..

والشك علي أنواع كثيرة. منها الشك في الدين والله والعقيدة. والشك في الناس. وفي الأصدقاء بل الشك في النفس أيضاً. والشك في الفضائل. وفي امكانية التوبة. والشك في طريق الحياة.

***

أنواع الشك

1. منها الشك في وجود الله أو في بعض صفاته

وهذه حرب فكرية مصدرها الشيطان. وهي دخيلة علي الانسان. وربما تأتي في سن معينة. وقد يكون مصدرها بعض كتب الفلسفة. أو أفكار الملحدين ومعاشرتهم. أو المناقشة في أمور أعلي من مستوي قدرات الإنسان. أو من بحوث منحرفة في ما وراء الطبيعة: في بعض العلوم. أو في تاريخ الكون ونشأته. وقد يثيرها أشخاص بمبدأ "خالف تعرف"..!

وقد لا يكون الشك في وجود الله. وإنما في معونته ورحمته وحفظه. كإنسان يصاب بمرض خطير من الصعب الشفاء منه . وله آلامه الشديدة. فيشكّ في رحمة الله! أو انسان يقع في ضيقة معقدة. ويصلي من أجل النجاة منها. ولا يجد استجابة لصلاته. فيشكّ في جدوي الصلاة!

***

2. الشك في العقيدة:

قد يكون هذا نتيجة التعرض لمشكلة تفسيرية لا يعرف الشخص لها حلاً فيشك. أو الدخول في مناقشة غير متكافئة مع محاور من عقيدة مخالفة. فيكون الشك هو نتيجة تلك المناقشة. وبالمثل قراءة كتب أو نبذات لعقائد أخري تثير الشك أيضاً..

ويحدث هذا كله مع أشخاص غير راسخين في عقيدتهم. أو غير دارسين لها. وعلاج هذا الأمر هو الرجوع لذوي المعرفة والخبرة.

ونلاحظ من جهة العقيدة موضوع المعجزات التي قد لا تحدث للبعض بسبب الشك. بينما تحدث للبسطاء الذين يصدقونها. وعموماً فإن المعجزات قد يشك فيها الذين يبحثونها من الناحية العلمية البحتة. وليس من جهة الإيمان الذي يقبلها..

ومثل المعجزات موضوع قيامة الأموات. وما يتعلق بالخلق من العدم. وبالوحي. وما أشبه..

***

3. الشك في وفاء الأصدقاء وفي مدي أمانتهم:

هذا النوع من الشك سببه قلة الثقة أو قلة المحبة. لأنه من الطبيعي اذا احب شخص صديقا له محبة حقيقية. فإنه يثق به ولا يشك فيه. علي أن مثل هذا الشك ربما يأتي نتيجة وشايات الناس والعلاج هو المواجهة. بجو من الصراحة الممزوجة بالمحبة.

وكذلك عدم التأثر بالسماعات والوشايات. وعدم تصديق كل ما يقال.. لأنه كثيرا ما يكون الإتهام مبينا علي ظلم. مهما كانت تبدو الدلالات واضحة..! ولا يصح الحكم علي صديق.. أو أي أحد.. حكماً سريعاً. بدون الاستماع إليه وإعطائه فرصة لتوضيح موقفه..

وليس سهلاً إتهام صديق بالخيانة أو قلة الأمانة.. وأصعب من هذا اتهام الزوجة أو الزوج بالخيانة أيضاً. أو الشك فيه..

***

4. الشك في الناس:

ربما خطأ فردي يُطبق علي الكل!! خطأ فرد في جماعة. يُطبق علي كل الجماعة!! أو سقطة فرد في أسرة. تجلب الشك في كل أعضاء الأسرة. وربما يكون بعض أفرادها صالحين أو باقي أفرادها علي عكس ذلك الذي سقط.. فقد يحدث أحياناً أن إنساناً لا يتزوج من فتاة فاضلة في أسرة. بدافع الشك. لأن لها أختاً أو قريبة قد أخطأت..!

بل قد يتمادي الشك حتي يشمل شعباً بأكمله أو بلداً بأكمله! فيقول شخص لا أتعامل مع فرد من الشعب الفلاني لأنهم يتصفون بصفة معينة تجعلني أشك فيهم..!

***

5. الشك في بعض الفضائل:

سواء في لزومها أو في امكانياتها. كأن يشك انسان في فضيلة التضحية أو إنكار الذات. أو فضيلة التواضع..

أو يشك شخصا في فضيلة الاحتمال. ويقول إنها تتنافي مع قوة الشخصية. أو في فضيلة التسامح إدعاء بأنها تشجع علي تكرار الخطأ. سواء من الشخص نفسه أو من غيره..!

أو كأن يتشكك انسان قائلاً: ما لزوم الصلاة؟ وهل الفضيلة الجسدية لها قيمة؟ وما معني أن الحرمان فضيلة؟ وهل الدين هو سلسلة من أنواع الحرمان والضغوط؟ وما لزوم الصلاة مادام الله يهتم بنا. حتي دون أن نصلي وأن نطلب؟

***

وقد يأتي الشك من جهة المبادئ والقيم:

الشك في ما هو الحلال؟ وما هو الحرام؟ وما هوالجائز والممنوع؟

الشك في أشياء جديدة علي المجتمع. مثل تنظيم النسل أو أطفال الأنابيب.. أو قتل الرحمة!! والشك في بعض المخترعات الإعلامية مثل التليفزيون والراديو والسينما.. وهل هي حرام أم حلال؟

والشك في أرباح البنوك. وفي مضاربات البورصة. وفي الأغاني والموسيقي وفي أنواع الحفلات والسهرات. وإلي أي مدي تجوز؟

والواقع أن كثيرا من هذه الموضوعات - حسب نوعية استخدامها - يُحكم عليها بالحلال أو بالحرام.. فالسينما حسب نوعية ما يعرض فيها من أفلام. يكون فيها الخير أو الشر. وكذلك التليفزيون.. وبنفس المقياس. نحكم علي الموسيقي وعلي الأغاني وعلي كثير من الترفيهات. ومع ذلك فإن عقول بعض الناس قد تتشكك. حسب نوعية تربيتهم..

***

6. الشك في ما هو النافع؟ وما هو الضار؟

انسان قد يكون في مفترق الطرق. ولا يعرف ما هو النافع له: هل يلتحق بهذه الكلية أم تلك؟ وبعد التخرج هل يناسبه العمل الوظيفي أم العمل الحر؟ وهل يتزوج هذه الفتاة أم تلك؟ أم يؤجل سن الزواج حتي يكون مستقبله. ويستقر اقتصادياً..

وتظل الأفكار والشكوك تلعب بذهنه وتسبب له الحيرة.. وبنفس الوضع في تعامله مع بعض الناس: هل يصلح أسلوب الحزم أم أسلوب الرقة واللطف؟ ومتي يتكلم ومتي يصمت؟ وإن تكلم فبأي اسلوب؟ وإن صمت. فهل يكون صمته حكمة أم ضعفاً؟.. ما الذي ينفعه في كل ذلك أو ما يضره؟! هنا الشك والحيرة..

7. الشك في النفس:

أحيانا يشك الانسان في نفسه. فلا تكون له الثقة في نفسه. ولا في قدراته وإمكانياته..! كالطالب الذي يشك في قدرته علي النجاح أو قدرته علي التفوق! أو يشك في كفاية الوقت الباقي له علي الإمتحان! أو شخص يشك في تصرفاته هل هي سليمة أم خاطئة؟ أو فتاة تشك في هل هي محبوبة من الناس أو غير محبوبة؟.. أو عضو في مجتمع يشك هل هو موضع الرضا؟.. أو مرشح في انتخاب معين : يشك هل سينجح أم سيفشل؟

إن الطفل قد يشك في ما يفعله: هل هو مقبول أو غير مقبول؟ ولهذا فإننا نعطيه الثقة في نفسه بالمديح والتشجيع. ذلك لأن التربية القاسية وكثرة التوبيخ علي الأخطاء. قد تولد عقدة الشك في نفسه..

حتي الكبار يحتاجون أيضا إلي التشجيع وإلي كلمة تقدير. وإلي رفع روحهم المعنوية. وبخاصة إن كانوا في حالة مرض أو ضيق. أو في مشكلة أو أزمة.. حتي لا يدركهم اليأس. وحتي لا يقول الواحد منهم: لا فائدة. قد ضللت..! وهكذا يشك في مصيره..

***

8. الشك أثناء المراحل المصيرية:

بعض الناس: تكون المراحل المصيرية أمامهم محاطة بالشكوك. وطريقهم غير واضح لهم. يقفون أمامه في حيرة وتساؤل. عاجزين عن البت وإتخاذ أي قرار.. وقد يلجأ بعضهم إلي الاستشارة. ويستمر معه الشك. أو يلجأ إلي القرعة. ويستمر أيضا في الشك..

الأمر يحتاج الي الثبات في الهدف وفي الوسيلة. وفي المبادئ والقيم. ويحتاج أيضا إلي معرفة بالنفس. وإلي صراحة في مواجهتها. وتحديد اتجاهاتها وامكانياتها.

أما الشك في القدرة. فيحتاج إلي العزيمة والتشجيع. والي الصلاة حتي يمنح الرب قوة. ويحتاج احياناً إلي روح المخاطرة..

***

أسباب الشك:

قد تكون الأسباب داخلية نابعة من طبيعة الانسان نفسه. وقد تكون للشك أسباب خارجية سببها البيئة. وحروب الشياطين. وأنواع من الضيقات..

* قد يكون الانسان بطبيعته شكاكاً أو موسوساً. وطريقته في التفكير تجلب له الشك. أو قد يكون ضيق التفكير ليس أمامه سوي الشك.

* وقد يكون انسانا بسيطاً يقبل كل ما يقال له فيقع في الشكوك.

* كذلك الخوف والشك يتلازمان في كثير من الأحوال. فيكون أحدهما سبباً والثاني نتيجة. فالخوف يجلب الشك. والشك يكون من نتائجه الخوف.

* وقد يأتي الشك بسبب الوهم. كانسان يتوهم أن رقم 13 وراءه شر: فيدخله الشك في كل يوم يكون تاريخه رقم 13 أو مضاعفاته. ويشك أن كان رقم 13 متداخلا في رقم بيته أو تليفونه أو الطلب الذي يقدمه لوظيفة!

***

* وقد تأتي الشكوك أيضاً بمعاشرة الشكاكين. فتنتقل العدوي منهم.

* كما يأتي الشك أيضاً من حروب الشياطين. أو من الناس المتعبين.

فالشيطان يعرف جميع الشكوك التي مرت علي العالم من آلاف السنين. ويمكنه أن يحارب الإنسان بها في كل شئ: من جهة الإيمان أو العلاقة بالآخرين. لكي يبلبل فكره ويزعجه ويلقيه في حيرة..

* ومن المصادر التي تجلب الشك أنواع من القراءة. لأن هناك كتّابا هوايتهم أن يشككوا القارئ أن المسلمات الثابتة. إظهار لأنهم يعرفون أكثر.

* كذلك الشائعات قد تجلب شكوكا. وربما تكون في غالبيتها غير صحيحة.

***

* وقد يأتي الشك بسبب الضيقات وطول مدتها:

إن الضيقات تحتاج إلي قلب قوي لا تلعب به الشكوك..

لأنه إن طالت المدة في الضيقة. ووصل صاحبها إلي اليأس. فقد يشك في رحمة الله. أو يشك أن هناك "عملاً" قد عُمل له. ويبدأ في زيارة المشعوذين ليفكوا له هذا العمل المزعوم!!

* أو قد يأتي الشك بسبب تعميم الخطأ:

كفتاة تعيش في بيت مملوء بالنزاع والمشاجرة بين أبيها وأمها. فتخاف من الزواج. وتشك في أنها إذا تزوجت ستقع في نفس المصير. وأن كل رجل ستتزوجه ستكون معاملته لها مثل معاملة أبيها وأمها. وبهذا تحيا حياة كلها شجار ونزاع وألم..!

أو كإنسان قال سراً لصديقه فأذاعه وسبب له حرجاً. حينئذ يشك في جميع الأصدقاء واخلاصهم. وربما تكون النتيجة أنه ينطوي علي نفسه. ولا يقول كلمة سر لأحد من الناس. مهما كان قريبا إلي قلبه!!

* وقد يكون سبب الشك شدة الحساسية والانحصار في سبب واحد:

مثل أم تتأخر ابنتها عن موعد عودتها إلي البيت. فتشك أنه قد أصابها حادث. أو أن احدا خطفها. أو حدث لها سوء من أي نوع. وتظل قلقة حتي تعود! وربما يكون قد دخلها الشك في أنها ستعود!!

والعجيب أن المنحصرين في سبب واحد. غالباً ما يتخيرون أسوأ الأسباب التي تتعبهم وتبلبل أفكارهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:18 pm

الوداعة 27-4-04





الوداعة صفة نبيلة هادئة. والإنسان الوديع هو شخص محبوب من الكل. فما هي صفات الإنسان الوديع؟

"1" الإنسان الوديع طيب وهاديء ومسالم:

إنه هاديء في صوته. لا يصيح ولا يُحدث شغباً. وهاديء أيضاً في معاملاته. لا يخاصم ولا يقطع صلته بإنسان. ولا يحتد علي أحد.

لا يقطع رجاء إنسان: فلا يطفيء فتيلة مدخنة. ربما تمر عليها ريح بعد حين. فتشعلها. هكذا يتصرف مع صغار النفوس.

والإنسان الوديع له صوت منخفض خفيف. فهو لا يرفع صوته أزيد مما يجب. ولا يعلو صوته أكثر مما تستلزم الحاجة في الكلام. صوته هاديء غير صاخب. بعكس العنفاء الذين في كلامهم صخب. يتكلمون بصوت عال وبحدّة وعنف. أحياناً صوتهم يرعب!

???

"2" والوديع كما أن صوته منخفض. كذلك نظراته منخفضة أيضاً

لا يحدّق في أحد. ولا يحملق في أحد. تنطبق عليه عبارة "لا يملأ عينيه من وجه إنسان". لذلك فهو يحتفظ بعلاقات طيبة مع الكل. لأنه لا يفحص مشاعر الناس بنظراته. ولا يحاول أن يعرف بذلك ما بداخلهم. لأن معرفة الدواخل تعكر المعاملات.

أما غير الوديع فإنه يكلم غيره. وينظر إلي عينيه أثناء كلامه. ليري هل هو صادق أم لا؟ وهل نظراته عكس كلامه؟ وهل ملامحه عكس كلامه؟ وهل هو يبطن غير ما يظهر؟ وهل.. وهل؟ مما يوجب الشك فيه!!

???

أما الوديع فيعيش في سلام مع الناس. لأنه لا يفحص ملامحهم وتصرفاتهم

إن تعامل مع أحد. لا يتناول هذا الشخص وأعماله بالفحص والتدقيق ليصدر أحكاماً عليه. وإن جلس مع أناس يأكلون. لا ينظر إليهم ماذا يأكلون وكيف؟ وأي صنف يأكلونه؟ وما الذي يحبونه أكثر من غيره؟ وهل يأكلون بسرعة أو بشهوة أو بنهم. إنه لا يراقبهم أثناء أكلهم. كما لو كان يحصي كم لقمة يأكلونها!!

???

إنه هاديء لا يفحص أعمال الناس. ولذلك فهو لا يقع في إدانة الآخرين ومسك سيرتهم. بل يقول في داخله ما شأني بهذا؟!

فإدانة الآخرين تأتي غالباً من فحص تصرفاتهم ومراقبتهم. أما الوديع فيقول في نفسه "أنا مالي؟ خلْيني في حالي". نعم ما شأني بكل هؤلاء؟ ومن أقامني قاضياً عليهم؟! لماذا أتدخل في أمور لست أنا مسئولاً عنها؟ ولماذا أقحم نفسي فيما لا شأن لي به؟!

وهكذا يحتفظ بسلامه الداخلي وسلامه مع الناس.

???



والإنسان الوديع يكون دائماً بشوشاً. لا يعبس في وجه أحد

لا يقطب جبينه ولا نظراته. ولا يتجهم. ولا يستقر عليه أبداً روح الغضب أو الضيق. له ابتسامة حلوة محببة إلي الناس. وملامح مريحة لكل من يتأملها. ولا تسمح له طبيعته الهادئة أن يزجر وأن يوبخ. وأن يشتد ويحتد. بل هو بطبيعته إنسان هاديء. وكلامه لطيف وليّن. وبخاصة إن كان من العاملين في الخدمة الاجتماعية.. له الوجه السمح والمحبوب الذي يفيض سلاماً علي غيره.

???

ومادام الوديع يتمتع بسلام داخلي. فهو لا ينزعج ولا يضطرب. مهما كانت الأسباب الخارجية..

قد يكون البحر هائجاً والأمواج مرتفعة. والسفينة تضطرب في البحر وتميل يميناً ويساراً. أما الصخرة الثابتة في البحر فإنها لا تضطرب. والجنادل التي في البحر لا تهتز. مهما كان عنف الأمواج.

كذلك الوديع: هو كالصخرة أو الجندل. لا يتزعزع مهما كانت الظروف. بل في هدوء يسلّم الأمر لله. ويقول مع المرتل في المزمور: "إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي. وإن قام عليّ قتال. ففي هذا أنا مطمئن". قال أحد الآباء الروحيين: من السهل عليك أن تحرك جبلاً من موضعه. وليس سهلاً أن تحرك الإنسان الوديع عن هدوئه.

???

ومهما عومل الوديع. فإنه لا يتذمر ولا يتضجر. ولا يشكو..

بل غالباً ما يلتمس العذر لغيره. ويبرر في ذهنه مسلكه. ولا يظن فيه سوءاً. وكأن شيئاً لم يحدث! ولا يتحدث عن إساءة الناس إليه. ولا يحزن بسبب ذلك في قلبه. فإن تأثر بسبب ذلك أو غضب. سرعان ما يزول تأثره ويصفو. ولا يمكن أن يتحول حزنه المؤقت إلي حقد.

وقد يثور البعض عليه. ويوجه إليه اتهامات أو إهانات. فلا يحتد ولا ينتقم لنفسه. ولا يقاوم الشر.. بل قد يصمت في هدوء. ويبتسم في وجه من يثور عليه ابتسامة بريئة. وكأنه ليس المعنيّ بما يقال. وابتسامته تجعل الثائر عليه يخجل من إهانته له.

هذا الإنسان الوديع. له أحياناً طبع الطفل الهاديء المبتسم.

???

الإنسان الوديع بعيد عن الغضب. حليم واسع الصدر

إنه لا يغضب بسرعة. ولا ببطء! ولا ينفعل الانفعالات الشديدة. ولا تراه أبداً ثائراً ولا عصبياً. بل ملامحه دائماً هادئة..وكما أنه لا يغضب من أحد. فإنه أيضاً لا يتسبب في غضب أحد. وإن غضب عليه أحد. فإن له "الجواب اللين الذي يصرف الغضب"..لذلك فهو إنسان طويل البال. وكثير الاحتمال. يحتمل من يخطئون إليه. ويطيل أناته. ويعيش معهم في سلام.

ليس أي سبب يثيره.. ولهذا إن غضب الوديع. فلابد أن أمراً خطيراً قد دعاه إلي ذلك. وغالباً ما يكون غضبه بسبب الضمير والحق. وليس بسبب كرامته أو حقوقه كما يفعل غير الودعاء.

وإن غضب. فإنه لا يثور ويفقد أعصابه. وإنما يغضب في رصانة معبراً عن عدم موافقته وعدم رضاه. فالوديع أعصابه هادئة لا تنفعل بسرعة. وإذا انفعل لا يشتعل.

وإذا غضب لا يحقد. بل سرعان ما يصفو.

???





الإنسان الوديع مسالم وصفوح. ولا ينتقم لنفسه

لا يقاوم الشرّ. أي لا يقابله بمثله. ولا يدافع عن نفسه. بل غالباً ما يدافع الغير عنه. موبخين من يسيء إليه بقولهم "ألم تجد سوي هذا الإنسان الطيب لتعتدي عليه؟!"

الإنسان الوديع لا يؤذي أحداً. بل يحتمل الأذي من المخطئين. ومن الأمثلة الجميلة ما قيل عن سليمان الملك وسعة صدره. إن الله منحه "حكمة وفهماً كثيراً جداً". ورحبة قلب كالرمل الذي علي شاطيء البحر.

???

والإنسان الوديع طيب. سهل التعامل مع الناس

إذا تناقش مع أحد. لا يجعل المناقشة تحتد وتتعقد. بل يبدي رأيه ببساطة. ويدافع عنه بهدوء. ويدافع عنه في وداعة الحكمة. حتي إن كان ينبه محاوره إلي خطأ. يفعل ذلك بنبل دون أن يجرحه.

إنه بسيط في التعامل. ليس عنده دهاء ولا مكر ولا خبث. ولا يظهر غير ما يبطن. ولا نعني بكلمة "بسيط" أنه إنسان ساذج! كلا. بل قد يكون حكيماً في منتهي الحكمة. ولكنه في بساطته لا يعقد الأمور. وهو لا يلف ولا يدور في حديثه. ولا يدبر خططاً ضد أحد.

بل هو صريح ومريح. يمكنك أن تثق به وتطمئن إليه

وهو رقيق في معاملته. لا يخدش شعور إنسان مهما أخطأ. بل هو حلو الطبع. دمث الخلق.. لذلك تجده محبوباً من الكل بسبب طيبته.

???

والإنسان الوديع مملوء من الحنان والعطف حتي علي أشر الخطاة!

فإن رأيت إنساناً قاسياً في تعامله. أعلم أنه غير وديع.. فالوديع لا ينتهر خاطئاً. بل يقول في نفسه "وأنا أيضاً أخطيء" وهو يضع أمامه أربع درجات في التعامل مع من يخطئون إليه:

? منها احتمال المخطيء إليه. فلا يغضب عليه ولا يثور ولا يحتد

? ثم المغفرة للمخطيء. فلا يمسك عليه خطيئته. ولا يحقد عليه

? وأيضاً الصلح مع المخطيء. ولتكن المبادرة منه هو

? وأكثر من هذا كله. محبة المخطيء كأخ. والصلاة من أجله.

وهو لا يفعل كل هذا. إلا إذا كان قلبه واسعاً. وطبعه هادئاً.

وكان يتذكر أن الله تبارك اسمه "لم يصنع معنا حسب خطايانا. ولم يجازنا بحسب آثامنا".

???

الإنسان الوديع لا يتشبث برأيه. ولا يكون عنيداً

إن دخل في مناقشة. يكون هدفه أن يكسب محاوره لا أن يغلبه.. فهو لا يظهر للمناقش أخطاءه. ولا يكشف له ضعف حجته. بل إنه في إيجابية وديعة يشرح وجهة نظره بأسلوب رقيق مقنع. وهو يتقبل الرأي الآخر. ويمتدح ما فيه من نقاط طيبة. ولا يعلو صوته في النقاش. ولا يعارض في عصبية. إنما في كسبه لمن يناقشه بكل لياقة وأدب. يمكنه أن يكسب المناقشة ذاتها.

أما غير الوديع. فيتمسك بأية نقطة مهما كانت صغيرة ويقيم عليها مشكلة ومناقشة. ويكبرّها ويضخمها. ويتباهي بما يكسبه من نقاط. حتي ليقول البعض لصاحب الرأي الآخر "هل وقعت في يد فلان؟! فلينقذك الله منه. لأنه يمكنه أن يستنتج لك أخطاء في كلامك. لم تفكر فيها قط!!"

???

الإنسان الوديع هو شخص "مهاود". يميل إلي الطاعة

طبعاً يطيع فيما لا يخالف ضميره. وما لا يخالف وصية الله. أما في الأمور العادية. فلا يجعلها مجالاً للجدل والنقاش.

أما غير الوديع. فقد يكون صلباً وشديداً في كل ما يُطلب منه. ويظل يضع أسئلة وعراقيل: لماذا تريد؟ وكيف يمكن التنفيذ وهناك صعاب؟

ولماذا تطلب مني أنا بالذات؟ وعلام الإسراع؟ ومن قال لك إن وقتي يسمح وأن ظروفي تسمح؟! ويستمر في المعارضة. وقد ينتهي إلي الرفض. أو يوافق أخيراً بشروط مشددة. وبعد تعب في الأخذ والرد..!

???

أما الوديع فإنه يريد أن يريح غيره

والخير الذي يستطيع أن يعمله لأجل غيره. فإنه يعمله بكل محبة وهدوء. وبدون جدل. ويكون مستعداً لأداء أية خدمة. سواء كان ذلك في نطاق عمله الرسمي أو تطوعاً منه.. بعكس بعض الموظفين الذين ليست لهم استجابة لطلبات الجماهير. وقد قلت مرة في ذلك:

الموظف المريح يجد حلاً لكل مشكلة. والموظف المعقد يجد مشكلة لكل حلّ!

لذلك إن نال الوديع مركزاً أو سلطة. يستخدم ذلك لمنفعة الناس.. لا يرتفع قلبه بسبب المركز أو السلطة. بل يظل خادماً للجميع. محققاً للناس ما يستطيع أن يحققه لهم عن طريق سلطته وإمكانياته.

من أجل هذا. يكون الوديع باستمرار شخصاً محبوباً

الناس يحبون فيه طيبة قلبه. وبشاشة ملامحه. وحسن تعامله. وخدمته للكل. ورقة أسلوبه. وبسبب ذلك يدافعون عنه إن أصابته أذية. حتي إن كان هو لا يدافع عن نفسه. والشخص الذي يستغل طيبته ويظلمه. يتعبه ضميره ويخاف. لأنه أذي إنساناً طيباً لا يؤذي أحداً.

???

والإنسان الوديع له سلام في قلبه. لا يتعب من أحد

وإن ضغطت عليه الظروف وتعب. لا يظهر تعبه في الخارج بهيئة ضيق أو نرفزة أو برد الإهانة بمثلها. كلا. فكما أن له سلاماً داخل قلبه. له سلام كذلك مع الناس.

ومن صفات الوديع. البعد عن العنف

بل إن كلمة العنف هي عكس الوداعة تماماً. وحتي لو كان الوديع في موضع المسئولية. ومن واجبه أن يوبخ وينتهر. فإنه يفعل ذلك بهدوء بغير عنف. وإن اضطر أن يجازي. فإنه يحكم بغير قسوة. ويكون رقيقاً في نصحه.

وأتذكر إنني قلت في رثاء أستاذ لنا كان وديعاً

ياقوياً ليس في طبعه عنف ووديعاً ليس في ذاته ضعفُ

ياحكيماً أدّب الناس وفي صوته حبّى وفي زجره عطفُ

لم تنل بالذم إنساناً ولم تذكر السوء إذا ما حلّ وصفى

لك أسلوب نزيه "طاهر" ولسان أبيض الألفاظ عفُّ

إنما بالحب والاشفاق قد تصلح الأعوجّ. والأكدرُ يصفو

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:19 pm

الوداعة -2- 4-5-04


الوداعة "2"



هناك من وُلدوا من بطون أمهاتهم ودعاء. بطبع هادئ لم يتعبوا في اقتنائه. إنما نالوه عن طريق الوراثة. أو هبةً من الله وهبهم إياها. بعكس الذين يولدون بطبع ناري يميل إلي العصبية أو إلي العنف..

ولسنا عن الوداعة بالطبع أو الميلاد أو الهبة. نتكلم الآن. إنما نتحدث عن الوداعة بصفة عامة. في اقتنائها أو فقدها.

???

اقتناء الوداعة

الإنسان الذي يصل إلي الوداعة بجهاد وضبط نفس ومحاولات للسيطرة علي أعصابه وعلي إرادته. هذا يكون أجره عند الله أكبر

إنه يجاهد - ربما بتداريب كثيرة - لكي يضبط ذاته. ويضبط أفكاره وألفاظه وحركاته. ويقتني كل أنواع الهدوء. ويتخلص من الغضب والنرفزة بكل صورها وكل نتائجها.. إنها وداعة ليست طبيعية وإنما مكتسبة.

وما دام الله يطلب منا هذه الفضيلة. إذن لابد أنه قد وضع في طبيعتنا إمكانية الوصول إليها.. فكيف ذلك؟

???

تدرّب يأخي إذن علي الهدوء. وابدأ مثلاً بهدوء الصوت:

في حديثك العادي. ابعد عن الصوت العالي. وحاول أن يكون صوتك خفيفاً هادئاً. ولا شك أن هذا أمر سهل. تدرّج منه إلي الصوت غير الحاد. فلا تتكلم بعنف ولا بشدة. بل احتفظ بأعصابك هادئة حينما تتكلم. متحكماً في نبرات صوتك..

فإن تدربت علي هدوء الصوت. تدرّب أيضاً علي هدوء الملامح

لأن الشخص الغضوب. يظهر غضبه في ملامحه وفي نظرات عينيه. وفي تجهمه وفي تقضيب جبينه. فإن وجدت أنك قد وصلت إلي هذا كله أو إلي بعض منه. قل لنفسك إن شكلي الآن قد أصبح لا يليق. وربما أصبح منفراً.. وحينئذ حاول أن تهدّئ ملامحك وستجد أنك مضطر في نفس الوقت أن تهدّئ انفعالاتك الداخلية..

???





نقطة ثالثة هي هدوء حركاتك:

الشخص الغضوب قد يظهر غضبه في عدم هدوء حركاته. وبخاصة حركات يديه. في العسكرية لا يستطيع جندي أن يحدث أحد رؤسائه وهو يحرّك إحدي يديه. بل يقال له "اثّبت". كذلك أنت: حاول أن تضبط ليس فقط حركات يديك. بل كل حركاتك.. وكن هادئاً في جلستك وفي مشيتك. ولا تتململ. ولا تبدو منفعلاً أو عصبياً..

وفي كل ذلك تدّرب علي هدوء ألفاظك:

غير الودعاء تصدر عنهم ألفاظ قاسية عنيفة. أو ألفاظ متهكمة تثير محدثيهم. أو ألفاظ تدخل في نطاق التجريح والإهانة. أو أنهم إذا تكلموا. لا يراعون دقة الألفاظ فتُمسك عليهم أخطاء.. وقد يكونون في كلامهم غير مهذبين يستخدمون ألفاظاً غير لائقة. تخرج عن حدود الحشمة والوقار.. وكل هذا ضد الوداعة..

أما الوديع. فإنه يضبط ألفاظه. وإن لم يستطع ذلك في غضبه. فإنه يضبط غضبه. أو علي الأقل فإنه يصمت. و"يضع حافظاً لفمه وباباً حصيناً لشفتيه" كما يقول المزمور.

???

علي أن أهم من هذا كله. هدوء القلب ووداعته:

فالوداعة في أصلها هي وداعة القلب. والقلب الوديع يكون وديعاً في كل شيء: في صوته. في ملامحه. في ألفاظه. في أعصابه. في حركاته. لأن كل هذه مظاهر خارجية تعبر عن حالة القلب من الداخل. ومع ذلك فالتدرب عليها يوصل إلي وداعة القلب. أو ينبه القلب إلي الالتزام بالوداعة..

علي أن وداعة القلب تلتزم أو ترتبط بفضائل أخري كثيرة:

يدخل في مقدمتها التواضع. فالإنسان المتواضع يتصرف في وداعة. كذلك المحبة: إن عاش الإنسان فيها. يحيا بالضرورة في حياة الوداعة. فالمحبة تتأني وتترفق. ولا تحتد. ولا تظن السوء. وتحتمل كل شيء.. وكل هذه من صفات وعناصر الوداعة أيضاً.

???

كذلك الوداعة ترتبط بفضائل أخري:

مثل اللطف. والهدوء. وطول البال وسعة الصدر. والتسامح. والحكمة. والعمل علي ربح النفوس. فمن يقتني هذه الفضائل وأمثالها. يقتني الوداعة أيضاً.

والوداعة تُقتني بعمل النعمة في القلب

ويحتاج الإنسان أن يطلب ذلك في صلاته. لكي يمنحه الله نعمةً يصير بها وديعاً. وإن منحه الله النعمة يتجاوب معها مشتركاً بإرادته.. وإن اقتني الوداعة. يحرص ألا يفقدها..

???



فقد الوداعة

هناك أسباب إذا سلك الإنسان فيها بأسلوب خاطيء. فإنها تفقده وداعته. أو لا تساعده علي اقتنائها من بادئ الأمر. نذكر من بينها:

السلطة والمركز. والغني. وسائر نواحي العظمة:

أحياناً يتولي إنسان منصباً رفيعاً. فيظن أنه من مستلزمات المنصب أن يأمر وينهي. ويزجر وينتهر. ويتعالي وينظر إلي الآخرين من فوق.

وهكذا يفقد وداعته وتواضعه أيضاً.. ويدخله روح التسلط!

ولكن ليست المناصب العليا أمراً مانعاً للوداعة فهناك عظماء ودعاء. جمعوا بين الرئاسة والوداعة مثل موسي النبي الذي قيل عنه "كان الرجل موسي حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض". ومثل داود النبي الذي قيل عنه "اذكر يارب داود وكل دعته"..

لكن الذي يستغل المنصب والعظمة استغلالاً خاطئاً. فهذا هو الذي يفقد وداعته. وكذلك من يستغل الغني والمال. ومع ذلك يوجد أغنياء كثيرون ودعاء ومتواضعون. يختلطون بالفقراء في محبة وبساطة ويحلون لهم مشاكلهم..

???

وقد يفقد البعض وداعتهم. إذا ما دخلوا في مجال إصلاح الغير بطريقة خاطئة..

يظن هؤلاء أن وسيلة الإصلاح لا تأتي إلا بالعنف والشدة. أو أن الدفاع عن الحق لا يأتي إلا بالتشهير وإدانة المخطئين أو من يظنونهم مخطئين! وذلك بسبّهم علناً وتحريض الناس ضدهم..

مشكلة أولئك وأمثالهم أنهم يفقدون وداعتهم. ويرتكبون العديد من الخطايا. دون أن يدركوا ذلك. بل علي العكس يفتخرون بما يفعلون! وأكثر من ذلك يحسبون أنفسهم أبطالاً ومصلحين..!

???

يذكرني هذا بأشخاص يُعهد إليهم بتنظيم أحد الاجتماعات:

وباسم العمل علي حفظ النظام. ينتهرون ويصيحون. بل ويمنعون ويطردون. ويستخدمون كل القسوة في عملهم. وأحياناً لا نسمع أي ضوضاء في الاجتماع. إلا ما يصدر من أصوات المنظمين!!

لماذا لا يعمل أولئك علي حفظ النظام في هدوء وفي غير عنف؟!

لماذا لا يقلدون الراعي الذي يستخدم عصاه في تنظيم سير الغنم. بمجرد الإشارة واللمس والتوجيه. دون أن يضرب..

???



البعض يفقد وداعته باسم الصراحة وقول الحق!

وبحجة الصراحة يجرح شعور الآخرين بطريقة منفرة ومؤذية..!

والعجيب أنه يقول في افتخار: "أنا أنسان صريح. أقول للأعور: أنت أعور. في عينه!". ولماذا يا أخي تجرح هذا الشخص وتؤلمه. بصراحتك هذه الخالية من المحبة ومن اللياقة؟! أما كان ممكناً أن تستخدم أسلوباً آخر. تراعي فيه إحساسه. ولا تفقد فيه الرقة والوداعة؟!

إن السيد المسيح كان رقيقاً في التعامل مع كثير من الخطاة والخاطئات. وبلطفه اجتذب كل أولئك إلي التوبة. وإلي الإيمان.

يدخل في موضوع الصراحة أيضاً: لون من العتاب

فقد يوجد إنسان - بالعتاب - يربح أخاه بينما آخر يفقد الوداعة في عتابه. فيفقد صديقه أيضاً. وقد قال الشاعر في هذا:

ودَعْ العتابَ فربّ شرّ كان أوله العتابا

???

إنسان آخر يفقد وداعته بسبب الحزم!

والحزم ليس معناه بالضرورة العنف. فما أسهل أن يكون الإنسان حازماً ووديعاً: يأخذ موقفاً حازماً. وفي نفس الوقت يشرح سبب هذا الحزم بطريقة مقنعة لا تفقده محبة من يستخدم الحزم معهم.

وهكذا يفعل الأب مع أبنائه. يتصرف بحزم ممزوج بالمحبة والإقناع. وبمثل هذا الحزم أيضاً يتصرف رئيس مع مرؤوسيه.. ولكن بحزم بعيد عن الغضب والنرفزة. بل بحكمة رصينة هادئة.

???

البعض يفقد وداعته بسبب الحرص علي كرامته الشخصية

وهذا أمر ردئ. فالكرامة الحقيقية هي أن يحتفظ الإنسان بالصورة المثالية التي تجلب له احترام الكل. وليس بفقدان الوداعة والظهور بمظهر إنسان أثير ولم يستطع ضبط نفسه!

???

الوداعة من الشجاعة

الوداعة هي الطيبة واللطف والهدوء. ولكن لا يصح أن تُفهم فهماً خاطئاً. وكأن الوديع يبقي بلا شخصية ولا فاعلية لا يتدخل في أي شيء! كلا. فهذا الوضع يفقد الوداعة صفتها كفضيلة..

حقاً إن الإنسان الوديع هو شخص طيب وهادئ. ولكن هذه هي نصف الحقيقة. أما النصف الآخر فهو أن الوداعة ليست منفصلة أو متعارضة مع باقي الفضائل كالشهامة مثلاً أو الشجاعة.

وإنما كما يقول الحكيم "لكل شيء تحت السموات وقت"

وهكذا بالنسبة إلي الوديع: يعرف - في حكمة - متي يهدأ ومتي ينفعل؟ متي يصمت. ومتي يتدخل؟ وكيف يتصرف في كل حالة من الحالات..

???

الطيبة هي الطبع السائد عن الوديع. ولكن عندما يدعوه الموقف إلي الشهامة أو الشجاعة أو الشهادة للحق. فلا يجوز له أن يمتنع عن شيء من ذلك بحجة التمسك بالوداعة..

لأنه لو فعل ذلك. وامتنع عن التحرك نحو الموقف الشجاع. لا تكون وداعته حينئذ حقيقية. إنما تصير رخاوة في الطبع. وعدم فهم لمعني الوداعة. بل عدم فهم للروحانية بصفة عامة فالروحانية ليست تمسكاً بفضيلة واحدة تُلغي معها باقي الفضائل - إنما الروحانية هي اجتماع كل الفضائل معاً متجانسة ومتعاونة في جو من التكامل..

???

إن السيد المسيح كان وديعاً جداً. وفي نفس الوقت كان قوي الشخصية

في قوة قام بتطهير الهيكل من عبث اليهود. وطرد منه الصيارفة والباعة. وفي قوة وبخ قادة اليهود قائلاً لهم "إنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس. فلا تدخلون أنتم. ولا تدعون الداخلين يدخلون"! فهل كان ممكناً - باسم الوداعة - أن يتركهم يغلقون أبواب الملكوت؟! إن الوداعة فضيلة عظيمة. ولكنها لا تمنع الغيرة المقدسة ولا الشهادة للحق..

موسي النبي كان حليماً جداً. ومع ذلك غضب غضبة مقدسة. لما عبد اليهود عجلاً ذهبياً قد صنعوه فكسّره ووبخهم..

فالوداعة لا تمنع أحياناً من تنبيه الخاطئ أو تحذيره أو حتي توبيخه.. فهل إذا رأيت صديقاً أو قريباً علي وشك أن يتزوج زواجاً غير شرعي. من قرابة ممنوعة. أو ما يسمونه بالزواج العرفي. أو ما شاكل ذلك.. هل تمتنع باسم الوداعة عن تنبيهه بأن ما ينوي عمله هو وضع خاطئ؟! كلا. بل من واجبك أن تنصحه. وليكن ذلك بأسلوب هادئ ومقنع.

هل إذا اتيحت فرصة للوديع أن ينقذ أحداً. معتدي عليه مثلاً أو في خطورة.. أتراه يمتنع عن ذلك باسم الوداعة؟!

هل من المعقول أن يقول "وما شأني بذلك؟!".. أم في شهامة يتقدم وينقذه.. هناك مواقف يجد فيها الوديع نفسه مضطراً أن يتدخل..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:19 pm

العثرة أو الغواية



ما أخطر أن يتسبب انسان في إسقاط غيره!

إن الله يطالبه بنفس من أسقطه..

وطريق هذه الخطيئة متشعب جدا. فهو يشمل معرفة الخطية. أو تسهيل الخطية. أو مذاقة الخطية. ومن يقود الي كل ذلك. وأيضا تقديم الخطية بمفهوم مخادع. كأن تقدم باسم فضيلة. أو يسهب في شرح "فوائدها" ومنافعها وفوائها.. إنه نوع من الإغراء..

***

معرفة الخطية

أي أن يعرف الإنسان أموراً تضره روحياً. وما كان يعرفها من قبل.

وهكذا تدخل في ذهنه معارف تدنس فكره..

أو تجلب له شهوات تسقطه في الخطية. وتفتح عينيه علي أمور تحدث في قلبه أو عواطفه أثراً معثراً. كشاب بسيط يتفتح ذهنه علي موضوعات جنسية ما كان يعرفها. أو كأن يقابله صديق فيصب في أذنيه معلومات تشوه سمعة شخص آخر. فيأخذ فكرة سيئة عنه تغير من معاملته له. أو تكون المعلومات المقدمة له ذات طابع ديني تجلب له شكوكاً عقائدية.

فيخرج هذا الإنسان من مقابلة ذلك "الصديق". وهو يقول في قلبه: "ليتني ما قابلت فلاناًَ. وليتني ما سمعت ذلك الكلام..!"

***

ويدخل في هذا النطاق تأثير البيئة المنحرفة. وما تقدمه من أفكار..

وتنطبق عبارة "المعاشرات الرديئة تفسد الاخلاق الجيدة.."

وهكذا بالعثرة من جانب. وبالانقياد الي العثرة من الجانب الآخر. يتعلم الشخص أحياناً ألواناً من التحايل والمكر ما كانت تخطر له علي بال. ويعرف التلميذ طرق التزويغ من الدراسة. وكيفية الغش في الامتحان. والوسائل التي يضايق بها مدرساً حتي يخرجه عن صوابه..

وهناك أطفال تستخدمهم عصابات. فتعثرهم وتعلمهم الفشل. أو شباب يجتمعون معاً. والجديد منهم يعلمونه تعاطي المخدرات أو لعب القمار.. كلها عثرات. ولتفاديها قال المزمور "طوبي للإنسان الذي لم يسلك في مشورة الأشرار. وفي طريق الخطاة لم يقف. وفي مجلس المستهزئين لم يجلس".

***

كذلك يعتبر عثرة. من يقدم لك الفكرالخاطئ دون أن يرد عليه!

يقدم كل أدلة الفكر الخاطيء وكل إثباتاته وبراهينه. ويقف عند هذا الحد. دون أن يذكر تعليقاته علي ذلك. ودون أن يذكر الردود التي تحطم ذلك الفكر الخاطئ.. واذا هوجم علي ما يورده من أفكار. يرد قائلا : "أنا لم أقل إن هذا رأيي. انما ذكرت كل ذلك من باب العلم!"

والخطير أيضاً أن يكون وراء هذا الشخص تابعوه وتلامذته ومريدوه. الذين يكررون نفس الفكر الخاطئ ويعلمون به. ويكونون هم أيضاً عثرة..

إن البعد عن هؤلاء طهارة وليس خصومة

إنه بعد عن أسباب العثرات. أو بعد عن المعرفة الخاطئة. فالذي يسبب العثرة. يفقد غيره البساطة والبراءة التي كان يحياها.. النقطة التالية غير معرفة الخطية. هي تسهيل الخطية:

***

تسهيل الخطية

إنه نوع آخر من العثرة. لأنه يعرف انسان خطيةما. ولكنه لا يمارسها لأن الباب مغلق أمامه. لذلك يعثره من يسهل الأمر عليه. فيدله علي أماكن الخطيئة ووسائلها. ويقوده اليها. ويزيل الخوف من قبله. كما يزيل العوائق من أمامه..

وقد يقوم بهذا الدور من سار في طريق الخطيئة من قبل. وعرف دروبها ومسالكها. وطريق التهرب من مسئوليتها.. فيقدم خبرته لغيره.

***

مذاقة الخطيئة

هي الخطوة العملية الأولي في ارتكاب الخطية

كالذي يقدم لشخص سيجارة ليدخنها. أو وردة فيها مسحوق الهيروين ليشمها. أو يجعله يذوق مكسباً في لعب القمار. أو يذوق كأساً من الخمر. أو يفتح له مجالاً عملياً لممارسة الخطايا الشبابية.

إن مذاقة الخطية خبرة تشجع علي تكرارها. وبالتالي علي الإندماج في الخطية. والانسان الحكيم يحترس بكل الحرص من هذه الخطوة..

***

اسم آخر للخطية

من العثرة ايضا تسمية الخطية باسم فضيلة

أو باسم آخر يسهل قبوله.. كالذي يعلم زميله لعب القمار. بأن يسميها تسلية. ويبرر دفع المال في هذه التسلية بأنه تحلية للعب. والذي يدعو الي الزني بأنه معالجة للكبت واضراره. والذي يساعد علي التهرب من الضرائب. بقوله إن ذلك مجرد تخلص من مغالاة وظلم اللجان التي تقدر قيمة الضرائب.. أو من ينشر بدعة علي اعتبار أنها المفهوم السليم. او انها تجديد في الفهم وبعد عن العتيق البائد.

إن الشيطان في تسمية العثرات. لا يحارب بوجه مكشوف.

***

أنواع من العثرات

ليست كلها في الأمور الشبابية أو الجسدية كما يظن البعض.. فهناك عثرات في الدين كما يفعل أصحاب البدع والهرطقات. وكمن ينشدون شكوكاً في الدين. او الذين ينشرون الإلحاد. والذين ينكرون المعجزات والقيامة. والذين ينادون بعودة التجسد REINCARNATION

وهناك عثرات في الفلسفة والفكر. وزعزعة الفكر من جهة كثير من القيم والمبادئ. كأصحاب البدع الذين يأتون بشئ جديد. لتحطيم ما قد تسلمه الناس من قبل. ويقدمون باسم التجديد ومزيد من العلم.

لذلك من الخطر أن يعتبر كل إنسان نفسه معلماً. ويعطي ذاته الحق في أن يقدم مفاهيم جديدة. وليس من الحكمة أن نقبل كل فكر جديد يحطم فينا تراثا قديما قد تسلمناه عبر الأجيال.

***

القدوة السيئة

هي أيضا عثرة. إذ يقع البعض في أخطائهم بسبب تقليدهم لمن يضعونهم في مرتبة القدوة. من القادة أو الرؤساء أو الزملاء.

وهؤلاء المخطئون لم يقصدوا أن يجعلوا غيرهم يخطئ. ولكنهم كانوا السبب في ذلك: اذ يعلمونهم الروتين. أو الحضور متأخرين الي مكان العمل. أو محاولة تبرير كل خطأ أو سوء معاملة الناس وتعطيل مصالحهم.. أو يعلمون غيرهم قلة الانتاج. أو كتابة تقارير وهمية أو خاطئة.. الخ

***

وللأسف. فالانسان في المجتمع يمتص منه أشياء كثيرة. وعادات وعثرات:

ويدخل في هذا المجال أيضاً: الآباء والامهات بالنسبة الي أبنائهم. فالأبناء ينظرون الي الآباء والأمهات كقدوة ويقلدونهم.

ويدخل في مجال العثرة أيضاً ما يتعرض له البسطاء الذين ليست لديهم القدرة علي تحليل تصرفات من هم أكثر منهم خبرة وعلما ومركزا. فيعثرون بهم - ليس من جهة انتقادهم - بل من جهة تقليدهم..

كذلك الموظف الأدني مركزاً. اذا ترقي الي مركز أعلي. قد يسير علي نفس منهج من قد سبقه. فيكون له عثرة إن اتبع أخطاءه.

***

الثقافة والإعلام

علي الرغم مما تقدمه هذه الأجهزة من برامج نافعة. فإن بعض البرامج قد تكون معثرة للسامعين أو المشاهدين. فلها تأثيرها علي شخصياتهم. من حيث تفكيرهم وانطباعاتهم. وما تتركه في نفوسهم من مشاعر وأحاسيس.. ولا ننسي أفلام العنف وما تتركه من تأثير في نفوس الشباب والمراهقين..

وبالمثل كل مصادر الفكر من كتب ومجلات وجرائد ونبذات ومنشورات.. فبعض منها ليس فيه الحرص علي سرد الحقائق. أو علي مراعاة الجانب الخلقي. فيصبح ما ينشره من كتابات أوصور سبب عثرة للبعض يؤثر علي مشاعرهم وتصرفاتهم تأثيرا خاطئا.

قال أحد المفكرين: قل لي ماذا تقرأ؟ أقول لك من أنت..

وأريد أن أضيف : ليس الأمر يقتصر فقط علي ما تقرأ. وإنما أيضا ماذا تري وماذا تسمع؟ فالكاسيتات. وأجهزة التليفزيون والفيديو والانترنت. لها خطورتها في التأثير علي الناس.وكذلك أفلام السينما والمسرح. وإن كان في هذه شئ مما يعثر. تكون له نتائجه السيئة.. وعلينا أن نكون حريصين في كل ذلك. بالنسبة الي انفسنا والي أولادنا..

***

الكبير والصغير

علي الكبير أن يكون حريصا جدا في أقواله وتصرفاته. حتي لا يعثر الصغير أو الضعيف. فهؤلاء أمانة في أعناقنا.

إن أسباب العثرة قد يقاومها القوي. ولكن ما ذنب الضعيف؟

ونقصد بالقوي. القوي في روحياته. والقوي في إرادته. والناضج في تفكيره. هذا يمكنه أن يدرك الخطأ. ويقدر علي مقاومته.. ولكن المشكلة في عثرة الضعيف أو الصغير أو البسيط..

والضعيف أيضا قد يقول: إن كان الكبار هكذا يسقطون. فماذا أفعل أنا الضعيف؟! وقد يستسلم الي الخطأ. أو يقع فيه يأساً أو انقياداً.!!

وربما سقطة الكبار أو المثل العليا. تكون عثرة قوية للضعفاء

فليحترس الكبار إذن في تصرفاتهم. ونقصد الأبوين في محيط الأسرة. والمدرسين بالنسبة إلي التلاميذ. وقادة الدين بالنسبة الي الشعب كله..

فليحترس كل هؤلاء ألا يكونوا سبب عثرة في كلامهم أو في تصرفاتهم. وحتي في حركاتهم وفي ملامحهم. وكذلك في حفظهم للنظام. وفي طاعتهم للقانون. وفي طاعتهم للوصية. لأن أي خطأ لهم - مهما يبدو طفيفا - يكون سبب عثرة لغيرهم.

وعليهم أن يتلافوا الخطأ. حتي إن لم يخطئ في ذاته. وإنما علي الأقل يسبب شكاً للأخرين. لأن ما يطلب من الكبار هو مستوي أعلي بكثير مما يطلب من الأشخاص العاديين..

***

الضمير

يوجد ضمير ضيق يتشكك في كل شئ. ويظن الخطأ حيث لا يوجد خطأ. وضمير واسع يبرر تصرفات كثيرة! وموضوع الضمير يدخل في العثرة:

فهل الجمال اذن سبب عثرة. فتاة جميلة يراها بعض الرجال فيشتهونها.. هل هي إذن سبب عثرة لهؤلاء؟! وما ذنبها؟!

كلا. ليست العثرة في المرأة الجميلة. إنما في القلوب غير النقية التي تشتهيها. الخطأ فيهم وليس فيها. ولذلك فإن السيد المسيح لم يقل "إن أعثرتك امرأة". وإنما قال "إن أعثرتك عينك". وعثرة العين سببها القلب غير النقي..

إن غير الطاهرين تكون كثير من الأمور عثرة لهم. بسبب انحراف فكرهم وانحراف مشاعرهم. حتي من غير أي منظر يرونه. هم يفكرون بطريقة دنسة. حتي وهم في حجراتهم المغلقة عليهم.. أما الطاهرون فإنهم يفكرون بنقاء وطهر. لذلك لا يعثرهم ما يعثر غيرهم. المسألة إذن مسألة ضمير..

***

كثير من الأقوياء والممتازين. حسدهم غيرهم. فهل كانوا في قوتهم وامتيازهم سبب عثرة لغيرهم؟! أم العثرة في قلوب الحاسدين؟

وهل كان علي هؤلاء الممتازين أن يفقدوا امتيازهم إرضاء للحاسدين؟!

وماذا نقول علي الذين يحصلون علي بطولات وأوسمة. والذين يحصلون علي جائزة نوبل. وعلي أول الثانوية العامة في كل عام.. هل كل هؤلاء كانوا سبب عثرة لحاسديهم؟! كلا بلا شك. فالعثرة هي في الحاسدين..

وماذا نقول عن يوسف الصديق الذي اشتهته امرأة سيده.. هل كان هو سبب عثرة لها؟! أم أن قلبها غير الطاهر هو الذي سبب لها الشهوة..

***





الأمر يحتاج الي دقة شديدة في تمييز سبب العثرة

فليس هو الجمال. ولا القوة. ولا جاذبية الشخصية. ولا المواهب.. وإلا كان لازما أن يخلو العالم من كل هذه الصفات السامية. حتي لا يعثر الواقعون في الحسد أو في الشهوة..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:20 pm

بعض حيل..للشياطين



كنا قد تكلمنا من قبل عن حيل يلجأ اليها الشيطان منها:

تقديم خطية في ثوب فضيلة. أو تحطيم فضيلة لاكتساب غيرها. أو تقديم مفهوم خاطئ للحرية.. أو القيام بحروب شيطانية أخري مثل التشكيك. أو التخدير. أو حرب اليأس.

ونتابع اليوم حديثنا عن حيل أخري للشياطين:

***

الخجل

الخجل فضيلة إن أحسن الانسان استخدامها. ولكن الشيطان كثيرا ما يستخدم الخجل بطريقة تساعد علي السقوط:

* مثال ذلك إنسان بار جلس وسط اناس. فإذا بهم يتكلمون كلاما رديئا من الناحية الخلقية. أو يتحدثون بالسوء في سيرة شخص له مكانته. ويشهرون به. أو يسردون قصصا غير لائقة. وهذا الانسان البار الجالس وسطهم الذي لم يكن يتوقع كل هذا. أخذ يفكر في أن يتركهم وينسحب.. ولكن يأتيه شيطان الخجل. ويرغمه علي البقاء.. فيستمر جالسا. ويمتلئ عقله بأفكار ما كان يجب مطلقا أن تجول بذهنه!

* مثال آخر: عن طريق الخجل قد يوقع علي تزكية لا يرضاها ضميره!

أو يوقع علي أي بيان أو قرار. هو في داخله غير راض عنه. أو يشترك في مديح شخص لا يستحق ذلك.. وإن حاول أن يمتنع. يقف أمامه الخجل!

***

وقد يجعل الشيطان فتاة تخجل من ملابسها المحتشمة!

وذلك إن كان التيار العام علي عكس ذلك.. أو يجعلها تخجل من تدينها بوجه عام: تخجل أن يعرف عنها أنها تؤدي الصلوات في مواعيدها. أو تخجل من رفض دعوة الي حفل معين لا تستريح له روحياتها. أو من رفض الاشتراك في أنواع الترفيه..

وبالمثل قد يخجل شاب متدين من رفض سيجارة تقدم له من زميل أو أستاذ له! وكم من خطايا يقع فيها البعض بسبب شيطان الخجل!

***





والمفروض أن يرفض المتدين هذا الخجل. ويبعد عن مجالاته

أو يجد له سبباً يخرج به من الاحراج بلباقة. أو أن يكون قوي الشخصية يستطيع أن يدافع عن موقفه الروحي بإقناع الآخرين.. أو علي الأقل يبعد عن الصحبة التي تحرجه وعن المناسبات التي يتعرض فيها لحرب الخجل..

عجيب أن المتدينين يخجلون من تدينهم. بينما الخاطئون تكون لهم جرأة وجسارة في أخطائهم وفي انتقادهم للجو الروحي

***

حرب أخري من حروب الشياطين وهي:

العنف

إنها حرب يوجهها الشيطان الي الروحيين كما إلي الخطاة:

يدرب الإنسان علي العنف تجاه كل خطأ. وبالتالي يجعله عنيفا في مقابلة كل من يخالفه في الرأي. وقد تختفي وراء هذا العنف كبرياء وقساوة قلب..

وربما كثير من الناس العاديين يتميزون بالوداعة والهدوء. بينما نجد متدينين يكونون عنفاء جدا. باسم الدين!!! ساخطين علي كل شئ. شاعرين أنهم هم وحدهم الذين يعرفون الله ويسيرون في طرقه. وبهذا العنف يسقطهم الشيطان في عديد من الأخطاء. وينسيهم فضائل الوداعة واللطف التي هي من سمات المتدينين.

***

حرب أخري من حروب الشيطان هي:

الوقت الضائع

حياة الإنسان هي وقت. يحاول الشيطان أن يضيعه:

والوقت الضائع هو الوقت الذي يمر بك بلا أدني فائدة: لا فائدة روحية. ولا فائدة عقلية أو صحية. ولا فائدة للآخرين..

لا يهم الشيطان كثيرا أن يجعل صاحب الوقت يرتكب فيه خطيئة.. إنما يكفيه أن هذا الوقت يضيع كجزء من الحياة. بلا ثمر لأحد..

والأمثلة كثيرة لهذا الضياع. وهي متنوعة أيضا

منها أحاديث قد تطول بالساعات في موضوعات لا فائدة منها. وتكون بلا نتيجة. ومجادلات ومناقشات لا جدوي منها سوي تعب الأعصاب وضياع الوقت. وزيارات وسهرات وترفيهات زائدة عن الحد. ومسليات تأخذ كل الوقت. وتعطل ايجابيات هامة في الحياة. ومثل جلوس البعض في المقاهي للعب والكلام وقتل الوقت!

إن الذي يقبل ضياع وقته. تكون حياته رخيصة في عينيه!!

***

حيلة أخري من حيل الشيطان هي

الانقياد للتيار العام

قد يكون التيار العام خاطئا. ويدعوك الشيطان أن تخضع لهذا التيار وتكون مثله! وقد يهمس في أذنيك قائلا:

الكل هكذا.. لماذا تشذ أنت. ويكون لك أسلوب خاص؟!

والجواب هو أننا نتبع الحق أيا كان موقعه: في جانب الأغلبية أو في جانب الأقلية. فإن كانت أغلبية الناس في خطأ. فإننا لا نتبعها. وهكذا فعل أبونا نوح أبو الآباء. كل الناس في عهده كانوا أشرارا. وكان هو وحده البار مع أسرته.

إن رجل الله الثابت في وصاياه. هو الذي ينشد قائلا:

سأطيع الله حتي .. لو أطعت الله وحدي

***

ولكن الشيطان يدفع دفعا في التيار العام بطرق شتي:

أحيانا يجعل الناس يجارون الخطأ من باب المجاملة. أو من باب الخجل. أو من باب التقليد. أو خوفا من تهكم الآخرين ومن تعييرهم. أو نتيجة لضغط الظروف الخارجية وإلحاح الناس المحيطين. أو أن يقول الشيطان "هذه المرة فقط. ولن تتكرر"! ثم تتكرر طبعا... أو أن شخصا يجاري التيار خضوعا لسلطة أقوي منه أو خضوعا لرئاسة.. وقد يجاري التيار جهلا.. وقد يقول له الشيطان

هل من المعقول أن يكون كل هؤلاء مخطئين. وأنت وحدك المصيب؟!

هل يعقل أن كل هؤلاء لا يعرفون أين يوجد الخير والحق. وأنت الوحيد الذي تعرف؟! إتضع يا أخي.. "ويتضع" الأخ! وينجرف في التيار.. وقد يسير في التيار نتيجة لصداقة أو صحبة خاطئة أثرت عليه..

***

وقد يخضع الانسان للتيار نتيجة لضعف شخصيته

وهكذا لا يقدر علي المقاومة. أو يقاوم قليلا ولا يثبت. والعجيب أن المنحرفين يكونون أقوياء جدا في الدفاع عن طريقهم الخاطئ. وفي سخريتهم من الأبرار الذين لا يجارونهم ولا يسيرون معهم. ويظلون ينعتونهم بشتي النعوت. حتي يضعف هؤلاء ويخضعون!! يا للأسف..

يجب علي أصحاب المبادئ أن يكونوا أقوياء في المحافظة علي قيمهم. ثابتين راسخين. لا يتزعزعون أمام تهكمات الاشرار. "لا يشتركون في أعمال الظلمة غير المثمرة. بل بالحري يوبخونها". وإن لم يستطيعوا توبيخ الخطأ. فعلي الأقل لا يشتركون فيه. وليكن لهم أسلوبهم المميز في الحياة..

***

لذلك كن شجاعا وصاحب مبادئ وقيم. وقاوم التيار المحيط بك إذا أخطأ. وأعرف أن كل المصلحين الذين سجل التاريخ أسماءهم قد قاوموا تيارات سائدة في أيامهم. وإن حاربك الشيطان. لا تخضع لنصائحه ولا لمخاوفه.

وارفض الخطأ مهما رأيت كبارا يسيرون فيه. وإن وجدت الذين يسيرون في طريق الحق قليلين. فلا يضعف قلبك. فهذه هي القلة المختارة..

إن الغالبية إذا وقعت في خطأ. فهذا لا يجعل الخطأ صوابا!

الخطأ هو الخطأ. ووقوع الغالبية فيه لا يبرره. والمعروف أن الصواب طريقه صعب. وقد لا يستطيعه كل الناس. بل القلة المتميزة بمبادئها.

وإن ضعفت أمام التيار. فاطلب من الله أن ينجيك..

والرب قادر أن يقويك. وأن ينجيك من التيار فلا يجرفك..

***

من حيل الشيطان أيضا

المشغولية

قد لا يحارب الشيطان العمل الروحي. ولكن لا يعطيه وقتا:

وهنا لا يمنعك من الصلاة. ولا من القراءة والتأمل. و لا من الترتيل والتسبيح. ولا من محاسبة النفس.. بل قد لا يمانع في أن تلقي دروسا ومحاضرات عن كل هذه الوسائط الروحية وفوائدها. ولكنه لا يترك لك وقتا لممارستها!! وتصبح كما قال أحد الأدباء الروحيين: مثل الأجراس التي تدعو الناس الي دخول الهياكل. دون أن تدخل هذه الأجراس إليها..!

***

إن الله يطل من سمائه علي العالم. فيجده عالما مشغولا..

إنه عالم يجري بسرعة. لا يجد وقتا يتوقف فيه ليفكر الي أين هو ذاهب..؟ وهو أيضا عالم صاخب. كله أحاديث وضوضاء ومناقشات وانفعالات.. وأين الهدوء اللازم للعمل الروحي؟ غالبا ما تبحث عنه فلا تجده.. الكل مشغولون كبارا وصغارا. قادة وشعبا.. هم مشغولون عن أنفسهم. وعن روحياتهم. وعن أبديتهم. وعن علاقتهم بالله.. كما لوكانت هذه الأمور كلها علي هامش اهتماماتهم..! بينما "ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!"

***



إن الشيطان يضخم دائما في أهمية المشغوليات التي تعطلنا عن الله!

أو يضخم في إغرائنا بتلك المشغوليات. وكل ذلك باطل ووهم. فكل الذين ماتوا وتركوا هذا العالم. بماذا نفعتهم مشغولياتهم؟!

ولما تركوا تلك المشغوليات بموتهم. هل ارتبك العالم؟! كلا. طبعا..

لهذا كن حريصا جدا. ووزع وقتك في حكمة. ولا تسمح لأية مشغولية أن تبعدك عن الاهتمام بأبديتك.

***

إن لم يستطع الشيطان أن يبعدك عن العمل الروحي. فإنه يلجأ إلي حيلة أخري ماكرة وهي

التأجيل

إن وجدك مصرا علي عملك الروحي. فإنه يدعوك الي التأجيل..

يقول لك لماذا الإسراع في عمل الخير؟ الأمر في يدك تستطيع أن تعمله في أي وقت. ربما التريث يعطي فرصة لفحص الأمر أكثر. أو لاختيار اسهل السبل الموصلة إليه. أو يعطينا مزيدا من الاقتناع.

وعلي أية الحالات توجد بعض أمور هامة في يديك. يلزمك أن تنتهي منها أولا. ثم تتفرغ لهذا الموضوع..

والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس لعمل الخير الذي تريده. أو إضاعة الفرصة. أو ترك الموضوع فترة لعلك تنساه. أو يحدث ما يغطي عليه!

كأن تأتيك مشغولية كبيرة تأخذ كل اهتمامك ووقتك. أو يحدث حادث يعطلك. أو تعترضك عوائق معينة تضع صعوبات أمامك في التنفيذ. أو يلقي الشيطان في طريقك بخطية تفتر بها حرارتك الروحية. فلا تنفذ ما كنت قد نويت عليه وأجلته..

***

إن الشيطان لا يمنعك عن الخير في صراحة.. إنما بلباقة يمنعك عن الخير بالتأجيل.

مادامت الفرصة في يدك. والحماس في قلبك. فاحذر من تأجيل العمل الخيري. لأن التأجيل سيكون خطوة الي الإلغاء.. لا تؤجل التوبة.. ولا الصلاة. ولا العمل علي إنقاذ الآخرين. ولا تؤجل المعونة التي تقدمها إلي محتاج.. ولا تؤجل الوفاء بنذر قد نذرته. وعموما لا تؤجل عمل الخير. حين يكون في طاقتك أن تفعله.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:21 pm

الهدف والوسيلة



قد يتفق الناس في الأهداف والأغراض. مادام الهدف سليماً وخيراً. ولكنهم يختلفون في الوسائل الموصلة إلي الأهداف.

فما هي أسباب اختلاف الوسائل إذن؟

سببها اختلاف الفكر والعقل. فكل شخص له فكره الخاص وأسلوبه ونظرته الخاصة الي الأمور. كذلك تختلف الأفكار من جهة درجة الذكاء. ومدي الحكم علي الوسيلة بالنجاح أو الفشل. مع تقدير حساب ردود الفعل لكل وسيلة..

ويختلف الناس في الطباع ونوع النفسية. وكل منهم يفكر في الوسيلة التي تتفق وطبعه ونفسيته. والتي تتفق أيضا مع نوع البيئة التي يعيش فيها.

لذلك قد نجد أناسا طيبين ويريدون الخير. ومع ذلك فوسائلهم مختلفة.. كل واحد له طريقته وأسلوبه. وله منهجه الخاص في الوصول الي الغرض.

***

ولهذا كثيراً ما يحدث خلاف في العمل الجماعي في أية هيئة من الهيئات. سواء اجتماعية أو دينية. أو حتي في الهيئات التشريعية كالبرلمانات..

أحيانا يوجد تنوع. وأحيانا يوجد اختلاف أو خلاف.. الكل يريدون الخير. ولكن فهم كل منهم للخير. وأسلوب الوصول إليه. هو مركز الاختلاف. ولا أحد يعارض في تنوع الآراء وتعددها. فهذا دليل علي ثراء الفكر. وثراء الخبرة. أما الخلاف فكثيرا ما يسبب انقسامات وصراعات وتحزبات. وربما يتحول من الموضوعية إلي خلاف شخصي. وربما إلي خصومة أو عداوة!!

***

ففي موضوع الإصلاح مثلا:

الكل يحب أن تنصلح الأمور. الهدف اذن واحد. فمن من الناس يقف ضد الاصلاح. ولكن الوسائل تتعدد وتختلف:

البعض يري السرعة في الإصلاح. ويقول "خير البر عاجله". والبعض يري التروي والتدرج. بوضع اساس سليم. والتنفيذ خطوة خطوة..

هناك من ينادي بأن الاصلاح يأتي بثورة شاملة. ومن يري أنه يأتي عن طريق الحكمة والتفكير والتفاهم. مع الصبر.. وعكس ذلك من يقول "كفانا صبرا. الصبر هو هدنة مع الجو الخاطئ".

البعض يري أن الاصلاح لا يتم إلا بالعنف والتشدد. وقد يسلك في ذلك بأسلوب التجريح والتشهير ويقول إن المخطئين لا يصلح معهم سوي الشدة والبتر.

بينما يسلك غيرهم في الاصلاح بأسلوب هادئ دعامته الدراسة للحاضر والمستقبل..

***

لذلك إن اشتركت مع أحد في عمل. أو من أجل خير ما. لا يكفي أن يكون مشتركا معك في الهدف. وإنما ينبغي أن يكون مشتركا معك في الوسيلة أيضا

لئلا تكون طريقته في تنفيذ الغرض المشترك غير طريقتك. وأسلوبه في التعامل مع الأمور ومع الأشخاص غير أسلوبك. وهكذا تختلفان معا. وربما يسبب لك مشاكل باعتباركما شريكين في عمل واحد..

***

العجيب في مسألة الوسيلة هو المبدأ الميكافيلي. الذي به:

يظن البعض أن الهدف الطيب يبرر الوسيلة الخاطئة!!

وهذا ما كان ينادي به ميكافيلي أن "الغاية تبرر الواسطة"..

* فإنسان مثلا باسم "الغيرة المقدسة علي الحق والواجب" يثور ويصيح. ويشتم ويوبخ. وربما يعتدي علي غيره أو يرفع قضايا. وفي كل ذلك لا يوبخه ضميره بل يشجعه علي مزيد من العنف. ولمثل هذا نقول:

إن الحماس المقدس للحق. تناسبه أيضا وسيلة مقدسة..

* وبالمثل أب يقسو جدا علي ابنه. حتي يعقده نفسيا. ويحتج بغرض مقدس هو تربية ابنه!! إن الغرض سليم "التربية" ولكن الوسيلة خاطئة

* أو زوج يحبس زوجته في البيت. ويقيد كل تحركاتها وكل تعاملاتها. بحجة الحفاظ عليها! هذا أيضا وسيلته خاطئة. فيها جهل وأنانية..

* أو أم - دون أن يطلب ابنها منها - تتدخل في حياته الزوجية. بهدف توجيه النصح له. ولكن بوسيلة تؤدي الي ضعف شخصيته وتفكك أسرته..!

***

وكثيرا ما ضيع الناس أنفسهم وعلاقاتهم بالطريقة أو الوسيلة الخاطئة

مثال ذلك شخص يسعي إلي مصالحة غيره. هدف سليم بلا شك. ويري أن الوسيلة هي العتاب. وبخطأ وسيلته في العتاب يفقد صديقه تماما!!

ففي العتاب يعيد الأوجاع والجروح القديمة. ويضغط عليها بأسلوب يتعب الطرف الآخر. مظهرا له أخطاءه وسوء تصرفه. وهكذا يخرج من العتاب وقد ساءت العلاقة عن ذي قبل. لأن العتاب كان بوسيلة خاطئة..

بعكس إنسان آخر. يستطيع بالعتاب أن يكسب الموقف. بل يجعل الطرف الآخر يتفهم الموضوع بأسلوب يزيل التوتر الذي حدث بينهما. ويخرج الطرفان صديقين كأن لم يحدث بينهما شئ.. إنها الوسيلة تنفع أو تضر..

العتاب هو العتاب. ولكن أسلوبه عند الواحد مقبول بوسيلة مجدية. وعند الآخر بوسيلة متعبة ومؤذية. وتأتي بعكس المطلوب..

انسان يعاتب بحب وعشم. وآخر يعاتب بسخط وهجوم. الأول يريد أن يصالح. والثاني يريد أن يثبت للطرف الآخر أنه كان مخطئا.

***

نفس الوضع بالنسبة إلي الخطاة والمخطئين

كلنا نكره الخطأ. ونأخذ من أصحابه موقفا معارضا. هنا الغرض واحد. ولكن الوسائل تختلف من واحد إلي آخر..

فالبعض يبعد عن المخطئين. وينعزل عنهم ولا يختلط بهم.

والبعض يأخذ منهم موقف المقاومة. ويحاسبهم علي كل خطأ يصدر منهم. ولا يترك الأخطاء تمر بسهولة أو بدون مؤاخذة...

والبعض الثالث يحاول أن يصلح أولئك ويقودهم الي التوبة ويكسبهم ربما بالحب والصبر. أو بالمواجهة والاقناع. المهم أن يوصلهم إلي الله وإلي الطريق السليم. ويربح نفوسهم فلا تهلكها الضلالة..

***

نقطة اخري وهي تربية الأبناء

كل الناس يريدون تربية أبنائهم تربية سليمة. إنه هدف يتفق فيه الجميع. ولكنهم يختلفون في أسلوب التربية. أي في الوسيلة

* فالبعض يمنحون أولادهم الحرية الكاملة. كما يحدث في كثير من بلاد الغرب. وحينما يكبر الأولاد لا يصبح لآبائهم وأمهاتهم أية سلطة عليهم ويبررون أسلوبهم في التربية بأنهم يريدون أن تكون للابن شخصيته القوية المستقلة التي لا تقع تحت ضغوط..

* هناك أسلوب آخر يلجأ إليه آباء في تربية أولادهم. وهو التشديد الكامل. فلا يخرج الي حفلة معينة إلا بإذن. ولا يصاحب أحدا الا تحت رقابة. ولا ينضم إلي أي ناد أو إلي أية أنشطة إلا بموافقة. وهذا التضييق يوجد عنده كبتا تكون له ردود فعل سيئة في المستقبل.

* وهناك طريق في التربية وسط بين الأسلوبين السابقين. لا هو بالحرية التي فيها تسيب. ولا هو بالتشد يد الذي فيه تقييد. إنه:

أسلوب أب يصادق ابنه. ويشرح ويعلم. ويقنع ويحاور

ولا شك أن الإقناع - ولو أنه يأخذ وقتا وجهدا - إلا انه يوجد حافزا في الداخل. أفضل بكثير من الأوامر والنواهي. التي هي مجرد ضغوط من الخارج نابعة من السطلة وليس من الصداقة..

***

نتناول موضوع الانضمام إلي مؤسسات أو مجتمعات أو أية هيئات:

كثيرون ينضمون. أو يبذلون جهدا للإنضمام. البعض يريد أن يصلح الهيئة بتولي السلطة فيها. والبعض يقصد العمل الايجابي البناء. والبعض يريد الاصلاح الداخلي للهيئة بالقدوة الصالحة. بينما آخرون يهدفون إلي إصلاحها بأن يكونوا داخلها هيئة مناوئة..

وفي كل ذلك تختلف وجهة النظر بين الغرض والوسيلة: فعند البعض الغرض هو العضوية. بينما يري البعض أن العضوية هي الوسيلة. أما الغرض فهو الصالح العام..

***

علي أن هناك نقطة هامة في موضوعنا وهي:

كثيرا ما تتحول الوسيلة إلي هدف!!

* إنسان يقول : لو أعطاني الله مالاً. لكنت أعمل بهذا المال أعمال خير كثيرة "يذكرها بخياله الخصب". وهنا يكون عمل الخير هو الهدف. والمال هو الوسيلة. ولكن بمرور الوقت يتحول المال الي هدف. والسعي وراء المال هو الوسيلة. وتتعدد وسائل جمع المال وتشغل ذهنه.. وأين الهدف الأصلي "عمل الخير"؟ لقد اختفي تماما!!

* وبالمثل انسان يريد أن يحصل علي منصب كبير ليخدم بلده.. فخدمة البلد هي الهدف الذي يجاهر به في سعيه وراء المنصب. وما المنصب سوي الوسيلة. ولكن في هذا السعي يتحول المنصب إلي هدف.

وتتعدد الوسائل الموصلة إليه. صالحة كانت أو طالحة. شرعية أو غير شرعية. أما الهدف الأصلي - خدمة البلد - فيكون قد اختفي..!!

حقاً.. ما أكثر ما تختفي الأهداف السامية. وتحل محلها الوسائل!

***

كثير من الشبان والشابات يقولون إن هدفهم هو السعادة ويرون أن الوسيلة هي الزواج والاستقرار في بيت. وكل هذا هو تفكير سليم. غير أن الزواج يتحول عندهم إلي هدف ووسيلته في فكرهم هي الحب. وقد يفسرون الحب بتلك العاطفة المتأججة غير المنضبطة.

ويسيرون في تلك العاطفة. فيتحول هدفهم الي المتعة الجسدية. وفي المتعة ينسون أنفسهم. وينسون أنها قد لا تؤدي الي الزواج. وإنما قد تؤدي أحيانا الي الضياع. وبمرور الوقت قد ينتهي التمسك بهذه المتعة عند أحد الطرفين.: إما عن طريق الملل أو بيقظة من العقل أو الضمير. أو بالاتجاه الي ناحية اخري.. وفي كل ذلك يكون قد فتر ثم اختفي الهدف الأول. ويقف الطرفان وقد فقدا الهدف والوسيلة!

***

في الحياة الروحية. الهدف الوحيد هو الله.. وما كل الفضائل سوي وسائل توصل إلي الله وإلي ملكوته الأبدي

نعم. ما الصلاة والصوم. والترتيل والتسبيح. و القراءة الروحية والتأمل.. سوي وسائل توصل إلي الله. وليست أهدافاً في ذاتها.. ويخطئ من يحولها إلي أهداف مستقلة عن الله..!

فمثلا. إنسان يقرأ في كتاب الله وفي الكتب الروحية. والمفروض أن هذه القراءة توصله إلي محبة الله وطاعته. ولكن ما أسهل أن تتحول القراءة عنده الي هدف. فالمهم أن يقرأ - ولو بدون تأمل. وبدون تداريب روحية - وقد تتحول القراءة عنده إلي أهداف أخري!!

قد يقرأ الكتب الدينية لكي يكون عالما. أو لكي يكون معلماً. ولكي يبدو كثير المعرفة واسع الإطلاع. يجيد الكلام في أي موضوع يتحدث فيه أو يسألونه عنه. وهنا لا يكون الله هو هدفه..

ويتحول الهدف من الله. لتصبح ذاته هي الهدف!

***

لهذا ينبغي أن يراجع الإنسان هدفه. لئلا يضيع هدفه منه..

وينبغي أن يتحقق من أن الوسيلة التي يتبعها تقوده إلي هدفه..

كذلك عليه أن يتأكد أن هدفه سليم وروحي. وأنه لم ينحرف عنه إلي هدف آخر. وأنه يستخدم الوسائل العملية التي تحقق له هدفه السليم. بحيث تبقي هذه الرسائل مجرد وسائط. ولا تتحول بمرور الوقت إلي أهداف..!!

وليكن الانسان صريحاً مع نفسه. وليسألها في جدية:

هل أمكن أن يوصلني صومي إلي ضبط النفس. وإلي رفع مستواي الروحي عن ذي قبل؟ وهل أسلك فيه بطريقة روحية تناسبه؟

هل قراءاتي الدينية تترك تأثيرا في سلوكي الشخصي. وتتحول من قراءة إلي حياة؟ أم هي لمجرد المعرفة. وقد فقدت هدفها؟!

ويسأل أسئلة مشابهة عن باقي الوسائط الروحية..

***

أخيرا اختم هذا المقال ببعض أسئلة لابد منها:

ماذا نقول عن الذين يعيشون بدون هدف ثابت. تحققه وسائط عملية؟ وماذا عن الذين يفقدون هدفهم في الطريق؟

ماذا عن الذين يحيون حياة عشوائية. غير محددة المعالم؟ لا يهدفون منها إلي شئ. سوي أن يقودهم اليوم إلي الغد! ويقودهم الغد إلي حيث لا يعلمون!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:21 pm

الخطايا الأمهات



الخطايا الأمهات هي خطايا كبيرة تلد العديد من الخطايا. بحيث لو انتصرنا علي الخطية الأم.

لأمكن أن ننتصر بالتالي علي ما يجوز أن تلده من خطايا.

فما هي هذه الخطايا الأمهات؟ وما هي أولاد كل منها؟

الذات

الذات هي من أشهر الخطايا الأمهات. والإنسان المتمركز حول ذاته. ما أسهل وقوعه في

الكثير من الخطايا.. لذلك كان من أهم الفضائل التي تقي من ذلك:

فضيلة إنكار الذات.

الانسان - بسبب الاهتمام بالذات - قد يقع في الإعجاب بالذات. وفي محبة المديح. والرغبة في أولوية ذاته. وفي محاولة تغطية الذات زورا في كل خطأ والدفاع عنها. بل يقع أيضا في إشباع الذات. وسهل أن يصل إلي عبادة الذات!!

***

والذي يهتم بأولوية ذاته. وتفضيلها علي الآخرين:

هذا يفقد الإتضاع. ويحب المتكآت الاولي في كافةالإجتماعات ولا يستطيع مطلقا أن يكتسب الفضيلة التي تقول "مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة. بل هو يزاحم الناس وينافسهم في كل مكان. وحول كل مكانة. ويحاول أن ينزعهم من مراكزهم. لكي يحل هو فيها. كذلك قد يقاطع غيره في الكلام. ليتكلم هو!

وقد يجره كل هذا إلي الإساءة الي كل من يعترض طريقه. أو من يظن أنه منافس له. أو من يتحدث الناس عنه بالخير أكثر منه. ويقع في إدانة هؤلاء والحط من قدرهم.

إن محبته لأولوية ذاته. توقعه بلا شك في الغيرة والحسد. وفي كل نتائج هاتين الخطيتين..

***

ومحبته لذاته تجعله يبرر ذاته في كل أخطائها. ولا يقبل نقدا يوجه اليه. وقد يثور ويغضب لمجرد ملاحظة قيلت عن تصرفاته. وربما في دفاعه عن نفسه. يلصق الخطأ بغيره ظلما وإدعاء. وفي دفاعه عن نفسه. قد يجره ذلك الي الكذب لكي يظهر بريئا. وقد ينتحل أعذارا هي جانبية جدا وليست السبب الحقيقي الذي يستند إليه في عذره. كما قد تكون مختلقة!

وهكذا فإنه في تبريره لذاته - الذي هو جزء من محبة الذات - يقع في خطايا كثيرة..

وتصبح المناقشة مع مثل هذا الشخص متعبة للأعصاب. لأنه لا يهدف إلي إظهار الحق. إنما الي إظهار برّه هو. والتغطية علي نفسه.. وهكذا يلجأ الي الملاججة. أو بالتعبير العامي الي "المقاوحة". أو إلصاق العيب بغيره. أو بالمجتمع كله. أو بالأنظمة الموضوعة..

***

وإن كان من مظاهر الاهتمام بالذات. الرغبة في إشباع الذات.. فما أسهل أن يشبعها بطرق خاطئة : مادية أو جسدية!

وهكذا يقع في محبة العالم وشهواته. ويتشبه بذلك الذي قال: "... ومهما اشتهته عيناي. لم أمسكه عنهما"!!

كذلك يقع في شهوة المال. وشهوة المقتنيات. وفي شهوة الجسد. وكل هذه الشهوات قد تجره الي طرق خاطئة عديدة للحصول عليها. منها التحايل. ومنها الطمع. ومنها الخروج علي القانون وعلي العرف وكل مبادئ القيم والأخلاق..

وتكون طريقة إشباعه لذاته خطية. ووسائل الوصول إلي هذا الإشباع خطايا اخري. وفي كل ذلك يفقد روحياته..

***

والذي يريد أن يشبع ذاته. عمليا سوف لا يشبع..!

وكما قال سليمان الحكيم "العين لا تشبع من النظر. والأذن لا تمتلئ من السمع" كل الأنهار تجري إلي البحر. والبحر ليس بملآن". وبهذا يكون الشخص الذي يهدف إلي إشباع ذاته. إنما يقضي عمره في تعب باطل. لأنه لا يلجأ في محاولة إشباع الذات الي طرق روحية سليمة..
فمن يشرب من هذا الماء. يعطش أيضا. وإذ يعطش. يشرب مرة أخري.. وهكذا الي غير نهاية..!!

***

وإن أراد أن يشبع نفسه بشئ عند غيره. يقع إما في الحسد. أو في الغيرة. أو في التحايل. أو في الفساد

إن امرأة سيدنا يوسف الصديق: أرادت أن تشبع ذاتها بطريقة خاطئة لم يوافق عليها يوسف. فلجأت الي الكذب والادعاء. وإلصاق تهمة ظالمة بذلك الرجل البار جرّت عليه مشاكل متعددة.

والذي - في سبيل إشباع ذاته - يقع في الحسد. ما أسهل أن يجره الحسد إلي جرائم كثيرة في سبيل التخلص من المحسود. أو من أجل الحصول علي ما يحسده عليه.

***

والذي يحب ذاته. وإشباعها بطريقة خاطئة في تحقيق شهواتها..

هذا قد يصطدم بالله نفسه. مادام يري أن وصايا الله تقف ضد شهواته هو!

وهكذا كان الفكر الوجودي الملحد الذي ينادي بأنه "من الأفضل أن الله لا يوجد. لكي أوجد أنا"!!

بهذا الفكر رفض الوجوديون وجود الله. وأضلوا كثيرين.. كذلك لا شك أن الذي يحب إشباع ذلك. يرفض مبدأ "ضبط النفس" الذي يدعو إليه الدين. وتدعو إليه مبادئ الأخلاق وعلم الاجتماع. ويفضل أن يعيش في حياة اللهو والمتعة واللذة. بكل ما تحمل من خطايا لا داعي لذكرها..

***

والذي يحب ذاته وشهواتها. من الصعب أن يصل إلي التوبة

فهو لا يدين نفسه ولا يلومها. ولا يعترف بأنه مخطئ. وبأن حياته يجب أن تتغير. ليترك ما هو فيه من أخطاء.. إنه يحب تلك الخطايا والأخطاء التي يجب أن يتركها بالتوبة.

إنه في محبته لذاته وشهواتها. يحيا حياة التسيب وعدم الانضباط . وحياة الفضيلة صعبة عليه. وكلمة التوبة لا توجد في قاموسه العملي! وبالتالي لا يؤمن بضبط الفكر. ولا بضبط اللسان.

ولا بضبط عواطف القلب.. كل هذه الأمور ضد شهواته وضد حريته..!

السبب في كل ذلك. أنه يحب ذاته محبة خاطئة. ولا يفكر في ذاته من جهة مصيره الأبدي ووقوفه أمام الله في يوم الدين!

***

والذي يحب ذاته بهذه المحبة الخاطئة قد ينتقم ممن أساء اليه

أو ممن يظن أنه قد أساء إليه.. ويرد الإساءة بمثلها أو أكثر. ويقع في الغضب والنرفزة. ويكسر كل الوصايا الخاصة بالوداعة والتسامح. وبالهدوء والاتضاع وطول البال.. وفي ذهنه أن كرامته قد جرحت. فيجب أن يرد اليها اعتبارها مهما كانت الوسائل!!

***

أرأيتم أيها القراء الأعزاء. كم عدد الخطايا التي ذكرناها كمثال لما انجبته خطية واحدة من الخطايا الأمهات. هي محبة الذات..

فعلي الواقعين في هذه الخطية أن يدركوا ما هي المحبة الحقيقية للذات. التي تهدف إلي تنقية الذات. وتحريرها من العيوب والأخطاء. ومن الضغنات والعادات الرديئة. لكي تعود هذه النفس إلي ما يجب أن تكون عليه من مثالية وإشراق. وتعد ذاتها لأبديتها..

***

هناك خطية أخري من الخطايا الأمهات وهي الكبرياء

الكبرياء

وتشمل هذه الخطية: الكبرياء في الفكر. وفي القلب. ومظاهرها في الجسد.

في الفكر: بأن يكون الشخص حكيما في عيني نفسه. وبارا في عيني نفسه!

وهذا لون من الغرور والخيلاء.. وأيضا يفكر باستمرار أنه أعلي وأفضل من غيره. أو يفكر في الوصول إلي مستوي أعلي من الكل_! بحيث لا يكون مثله أي أحد ممن يحيطون به..

والذي يكبر فكره هكذا. قد يصل إلي صلابة الرأي:

فلا يستطيع أن يتنازل عن رأيه. مهما ثبت خطأ هذا الرأي!.. ويتعالي في فكره علي غيره.

ويصبح من الصعب جدا أن يدخل أحد في حوار معه..

وقد يعجب بنفسه. كلما يأتي بفكر جديد يميزه علي غيره. حتي لو كان بدعة!! وكل الهراطقة

والمبتدعين الذين عرفهم التاريخ كانوا مصابين بالكبرياء التي بها لم يستطيعوا التنازل عن

البدع فثبتوا فيها..

وصدق عليهم قول سليمان الحكيم "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح".

***

أما سقوط القلب في الكبرياء. فهو أن يتحول فكر الكبرياء إلي شهوة أو رغبة في القلب تختلط بمشاعر الانسان.

وقد تصبح سببا لأفكار كبرياء جديدة. ومصدرا للسعي وراء تمجيد الناس.

وهناك كبرياء اخري تظهر في الجسد. نتيجة لكبرياء القلب: تظهر في شكله وملامحه وحركاته. وفي طريقة مشيه وطريقة جلوسه. وأسلوب نطقه وحديثه وإشاراته. كل ذلك في عظمة وشموخ أنف. وخيلاء وتباه وأعجاب بالذات.

وهذا ما يسميه العامة "بالنفخة الكذابة". بحيث يكلم الناس من فوق. ويعاملهم بلون من التعالي. وقد لا يرد علي حديث البعض منهم. أو يرد بمجرد إيماءة أو كلمة واحدة.

فيكون في كلامه كبرياء. وفي صمته كبرياء.

***

وقد تصل الكبرياء الي احتقار الآخرين وإلي إساءة معاملتهم

كما تصل الي التمايز العنصري. مثلما عومل السود من الأجناس البيضاء.. وقد يقول البعض لغيره في كبرياء "يلزمك أن تعرف من أنا؟ ومن أنت؟ ومع من تتكلم؟" وما أعمق أن يكون الرد علي مثل هذا الكلام "أنا وأنت من تراب. والي التراب نعود".

وتقود الكبرياء الي عدم الاحتمال والي حساسية شديدة نحو الكرامة..

بحيث أن أقل كلمة يمكن أن تسئ الي هذا المتكبر. وأبسط تصرف يؤدي به الي الثورة والهياج والأنتقام. وتصبح أعصابه مرهفة جدا ومترفهة جدا.. ويمكن أن الحساسية الشديدة نحو الكرامة تقود إلي الكبرياء في محيط الأسرة. وإلي سهولة الانتهار والتوبيخ لأتفه الأسباب. والي طلب طاعة مطلقة بدون نقاش. مهما كانت الأوامر صعبة التنفيذ!

***



وكثيرا ما نسمع المتكبر يقول "أنا الكبير. أنا المسئول. أنا صاحب الكلمة الأولي والأخيرة"!!

وبهذا كله. يصبح من الناحية الاجتماعية شخصا غير مقبول. لأن عجرفته تنفر الناس.

وتبعدهم عن التعامل معه..

وما أكثر الخطايا التي تلدها الكبرياء. بل ما أشد نتائجها: يكفي أنه بالكبرياء تبعد نعمة الله علي المتكبر. فيسقط لأنه لا توجد قوة تسنده من فوق. ولأن كل نجاح له ينسبه إلي نفسه. لا إلي النعمة العاملة معه. فيزيده النجاح كبرياء فوق كبرياء..

***


خطايا أخري:

هناك خطايا أمهات أخري. مثل الكراهية والكذب وغيرهما ولكن المجال في هذا المقال لا يتسع لهما ولغيرهما الآن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:22 pm

الإلحاد والرد عليه



الإلحاد هو أولي الخطايا الأمهات. وأخطرها. وما أكثر الخطايا التي تتولد عن الإلحاد! من الصعب أن تحصي..

والإلحاد علي نوعين: أحدهما ينكر وجود الله. والثاني هو الذي يرفض هذا الإله أو يتهكم عليه وينتقده..

? والإلحاد الرافض لله: إما أن يرفضه لسبب شهواني. أو لسبب اقتصادي. فالذين يرفضونه لسببه شهواني. يرون أن الله يقف ضد شهواتهم بوصاياه التي تمنعهم عن التمتع بخطايا معينة. وهؤلاء شعارهم يقول "من الخير أن الله لا يوجد. لكي أوجد أنا"!

أي لكي أتمتع بالوجود الذي أريده. بعيداً عن وصايا الله التي تقيدني!

هؤلاء يتهكمون بقولهم: أتدعون أن الله في السماء؟ ليكن في السماء. ويترك لنا الأرض لا شأن لنا به. ولا شأن له بنا..!

***

أما الإلحاد الرافض لسبب اقتصادي: فهو يدعي أن الله يسكن في برج عاجي. ولا يهتم بشئون الأرض. ولا يقيم العدل والمساواة فيها!

ففي الأرض يوجد من يعيشون في فقر وعوز لا يجدون القوت الضروري. بينما يوجد أغنياء يحيون في رغد من العيش. ويفيض عنهم ما يزيد علي احتياجهم. مما يشتهي الفقراء الفتات الساقطة منهم. والله يري ولا يعمل!!

وهؤلاء الملحدون هم الذين أنشأوا الاشتراكية الملحدة. زاعمين أن الكل حسب نظامهم يشتركون بمساواة في خيرات الأرض!!. ومنعوا ملكية الأرض والعقارات. فالناس يسكنون العقارات ولا يملكونها. ويفلحون الأرض ويستفيدون من إنتاجها. دون أن يملكوها كذلك..

وكانوا في بعض أساليبهم الإلحادية. يقولون للفلاح: أتريد بقرة؟

أطلب من الله فإن لم يعطك إياها. اطلبها من ستالين أو لينين.. وحينئذ ستأخذها! فما معني الإيمان بالله إذن؟ وما فائدته؟!

***

وعملياً لا يمكن أن يتساوي الناس في إيرادهم. لأنهم غير متساوين في العقلية ودرجة الذكاء. ولا في القدرة علي الإنتاج...

فقد تبدأ مجموعة معينة بقدر واحد من المال لكل فرد منها. ولكن البعض قد يستثمر في ذكاء واجتهاد وأمانة في العمل. فيزداد المال الذي معه ويتضاعف. بينما البعض الآخر يخسر ما معه. أو ينفقه في الفساد. وينتهي الأمر بأن الذين بدأوا معاً بمساواة في المال. انتهوا علي عكس ذلك تماماً.. ويكون ذلك عدلاً. لأن الله يكافيء كل إنسان بحسب عمله.. إلا لو جعلنا الناس مجرد آلات بلا فكر!!

وقد تتوزع الأرض الزراعية بالتساوي علي الناس. ويتجه البعض منهم إلي الصناعة ويستثمر فيها ماله. فينبغ وتزيد ثروته علي غيره.

وفي النهاية لا نجد هذه المساواة المنشودة...

إننا لا نستطيع أن نخنق أصحاب المواهب والكفاءات. لكي يتساووا مع الخاملين أو الأغنياء. بحجة الوصول إلي المساواة. التي مهما بدأت لا يمكن أن تستمر...

***

وبنفس الوضع لا نقبل أولئك الإباحيين. الذين يرفضون الله لكي يأخذوا حريتهم في إباحتهم. فيفسدون بدون ضابط..

فالله يريد الخير للناس. وليس الخير في الفساد.. ويريد لهم الحرية. بشرط أن تكون حرية منضبطة. ولا تضرهم ولا تضر غيرهم بسببهم. وقد رأينا أن أولئك الذين رفضوا الله ليتمتعوا بوجودهم. لم يتمتعوا بوجود حقيقي. إنما في ضياع. ووصلوا إلي الانحراف وإلي الشذوذ. وفقدوا الصورة المثالية للآدمية والإنسانية.

وحتي إن رفضوا الله بسبب وصاياه. فهل أيضا يرفضون الدولة بسبب قوانينها. ويرفضون المجتمع بسبب أنظمته وقواعده. ويقولون إن كل ذلك يحرمهم من وجودهم!! أو يقولون: من الخير أنه لا توجد القوانين والأنظمة والأخلاقيات. لكن نوجد نحن!!

***

أما الذين انكروا وجود الله. فقد جرهم الإنكار إلي عديد من الخطايا. نذكر من بينها:

أنكروا أيضا الحياة الأخري. ولم يؤمنوا بالقيامة. لأنه من له القوة والقدرة علي إقامة الموتي سوي الله؟ وهم لا يؤمنون بالله..!

وبإنكار الحياة الأخري. أنكروا الثواب والعقاب فيها. وأنكروا ما يسمي بالجنة والنار. وعاشوا بلا هدف. وبلا خوف من نتائج الخطيئة.

انكروا عالم الأرواح جملة. فلا يؤمنون أيضا بوجود الملائكة وكل طغماتهم. ولا يؤمنون بغير المرئيات والماديات. وبالتالي فهم أيضا لا يؤمنون بشفاعة الأبرار. ولا بصلوات القديسين...

هم لا يؤمنون كذلك بالصلاة بصفة عامة. لأنه لمن يصلي أي شخص؟ أليست الصلاة موجهة إلي الله؟ وهم لا يؤمنون بوجود الله. وهكذا فقدوا الصلاة والترتيل والتسبيح وكل الوسائط الروحية.

وفي عدم إيمانهم بالله. أصبحوا لا يؤمنون بالوحي. ولا بالكتب المقدسة. وبالتالي لا يؤمنون بالوصايا الإلهية. ولا يلتزمون بشيء منها...

وعلينا أن نناقشهم في اعتقادهم أو في عدم اعتقادهم

***

نقطة الحوار الأولي معهم هي سبب الوجود. أو مصدره أو علته

هناك موجودات. هذا أمر لا جدال فيه. فمن الذي أوجدها؟

توجد طبيعة جامدة كالجبال والهضاب والأنهار والبحيرات والأراضي كما توجد سماء وشمس وقمر وكواكب ونجوم ومجرات وشهب.. وتوجد كائنات حية كالبشر والحيوان والطيور والأسماك والحشرات. وأيضا توجد أشجار ونباتات.. الخ. فمن الذي أوجد كل تلك الكائنات؟

لابد من كائن كلي القدرة أوجد كل هذا. فمن هو؟

بعض الملحدين يقولون: الطبيعة فما هي الطبيعة؟ وما قدرتها؟

هل الطبيعة هي الطبيعة الجامدة التي لا حياة فيها؟! وهل يمكن لغير الحي أن يوجد كائنات حية. وهذا غير معقول. لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فهل الكائنات الحية أوجدت باقي الطبيعة؟ وهذا أيضاً غير معقول. فمن الذي أوجد الكون إذن؟ إجابتنا نحن المؤمنين إنه الله. فإن كان عند الملحدين جواب

آخر فليقولوه. ونناقشه معهم...

***

وإن كانت مشكلة الوجود لغزاً أمام الملحدين بلا حل..

ىفإن مشكلة الحياة ومصدرها. هي لغز أمامهم أكثر عمقاً...

إن كل ما وصل إليه العالم من علم وذكاء واختراع. يقف جامداً أمام مصدر الحياة: كيف أتت؟ وإذا فقدت كيف تعود إن أمكن لها أن تعود؟ ولا أقصد الحياة في سمو وجودها كما في الإنسان. بل حتي الحياة في أبسط وجود لها. كما في الخلية الحية الواحدة أو في البلازما...

إن مجرد حياة نملة تسير علي الأرض تشكل لغزاً أمام الملحد: من أين أتتها الحياة؟ ووجود نحلة تسعي وراء رزقها وتصنع شهدًا من رحيق الأزهار. وتنظم أمورها... هذه النحلة في حياتها وفي صناعتها وفي نظامها عبارة عن لغز أكثر تعقيداً أمام الملحد: كيف أتتها الحياة؟!

وكيف أتاها هذا النشاط وهذه القدرة وهذا التدبير؟

إذا تميزت الحياة بالعقل والفكر. يكون مصدرها أمام الملحد أكثر تعقيداً

وبخاصة إن كان لهذه الحياة قدرة علي الاختراع. كما في حياة الإنسان. ما مصدر كل هذا؟ ويبقي السؤال بلا جواب...

***

إن الحياة علي الأرض كانت لها بداية. فكيف بدأت؟

من المعروف علمياً أن الأرض كانت في البدء جزءاً من السديم. وكانت في نار ملتهبة. لا تسمح بوجود أي نوع من الحياة. لا للبشر ولا للحيوان ولا للنبات. ثم بردت القشرة الأرضية. ولايزال باطن الأرض ملتهباً تخرج منه البراكين والنافورات الساخنة...

فمن أين أتت الحياة علي سطح الأرض. حيث لم تكن هناك حياة من قبل من أين نوع؟ ويبقي السؤال أمام الملحد بلا جواب..

والبعض منهم ربما يقدم افتراضات أو تخمينات ليس لها أي أساس علمي. وتبقي الحياة حتي في أبسط صورها دليلاً علي وجود الله. الذي كانت له القدرة علي إيجاد الحياة...

***

بعض الملحدين يتباهون بقدرات الإنسان علي الاختراع. وقدراته محدودة...

لا شك أنه توجد حالياً اختراعات مبهرة. تدل علي سمو العقل البشري.

والعقل البشري هو أيضاً هبة من الله. كما أن كل ما اخترعه البشر يعتمد علي المادة. فهو يدخل في نطاق الصناعة وليس الخلق. لأن الخلق هو من قدرة الله وحده. والمادة من خلق الله. والملحدون لا يؤمنون بالخلق...

فهل المادة أزلية لا بداية لها. أم أن لها بداية. وحينئذ تكون مخلوقة. وتكون بدايتها لغزاً أمام الملحدين. كيف وجدت؟ ومن أوجدها؟ ولا يمكن أن تكون أزلية. لأن المادة ضعيفة والإنسان يتصرف فيها بأنواع وطرق شتي. والضعف لا يتفق مع الأزلية.

وإن كان عقل الإنسان أظهر براعة من جهة التصرف في المادة بالاختراع. فإن الله قد سمح أن توجد أمام العقل البشري معضلات لم يقدر علي حلها. مثل بعض الأمراض المستعصية التي يقف أمامها العقل البشري عاجزاً...

النقطة التالية في إثبات وجود الله. هي النظام العجيب الموجود الكون. مما يثبت أن هناك من نظمه. ومن يكون إلا الله

لهذا فإن أحد فلاسفة اليونان. كان يلقب الله بالمهندس الأعظم...

إنك إن رأيت كومة من الحجارة ملقاة في موضع. ربما تقول إن الصدفة أوجدتها هناك. أما إن ارتفع حجر إلي جوار حجر. وفوقهما حجر ثالث. وتكون مبني من عدة طوابق. له أبواب ونوافذ وشرفات... فلابد أن يكون هناك مهندس قد قام بهذا العمل... وهكذا الكون!

? ألا تري النظام العجيب الموجود بين أجرام السماء وعلاقتها بالأرض:

فالأرض تدور علي نفسها مرة كل يوم ينتج عنها الليل والنهار. وتدور حول الشمس دورة ينتج عنها تتابع الفصول الأربعة. ولها علاقة بالقمر كل شهر من نتائجها أوجه القمر المتعددة... كل ذلك بنظام دقيق لا يختل. مما جعل الكليات اللاهوتية في القديم تدرس علم الفلك لانه يثبت وجود الله...

***

انظر أيضاً إلي العلاقة العجيبة بين الرياح. والحرارة. وضغط الهواء:

وكيف يتحكم كل هذا في اتجاه الرياح. وفي مواسم الأمطار والجفاف. مع علاقتها بالمرور علي البحار والبحيرات. وعلاقة كل هذا بالزراعة ونمو النبات.

حتي يمكن أن تثبت مواعيد للأمطار وللزراعة. ولمواسم الحر والبرد...

وينظم الإنسان حياته تبعاً لذلك. وتتنوع في ذلك بلاد عن بلاد أخري.

فهل كل هذا النظام جاء عبثاً بدون منظم؟! أم لابد من قوة عليا حكيمة قد وضعت نظاماً لكل ما يسير في الكون.. وهذا ما نؤمن به.

***

أما عن النظام في جسم الإنسان. فهو عجب في عجب. حتي أن التأمل في علم وظائف الأعضاء يثبت وجود الله. وكذلك تركيب كل عضو بشري...

انظر إلي المخ وتركيبه وعمله. وما فيه من مراكز للنظر والسمع والنطق والحركة. بالإضافة إلي عمله في الفهم والذاكرة والاستنتاج... العالم كله يقف مبهوراً غاية الانبهار أمام أي مركز واحد من مراكز المخ. وإن اختل لا يستطيع كل علماء الكون أن يعيدوه إلي وضعه الطبيعي...

ماذا نقوله أيضا عن باقي أجهزة الجسم وعملها الدقيق: كالقلب مثلاً أو الكبد. أو الجهاز العصبي أو الدوري أو الهضمي. وعن تكوين الجنين في الجسد وغذائه ونموه. حتي يكتمل ويخرج..

وما نقول ما يشبه عن جسم الإنسان وأعضائه. نقول مايشبهه عن أجسام الحيوان والطيور.. بل نري عجباً آخر في تركيب أجساد الحشرات

أليس كل هذا دليلاً علي وجود خالق كلي العلم والحكمة!!

***

نضيف إلي كل ما سبق الإجماع العام في الاعتقاد بوجود الله

حتي أن الطفل يولد وبالفطرة فيه هذا الإيمان...

وقد تختلف أسماء الله في شتي الديانات. لكن الإيمان بالله أمر ثابت.

أما الإلحاد فله أسباب خاصة نعتبرها دخيلة علي العقل البشري. ولبعضها ظروف اجتماعية أو نفسية. أو هي حروب من الشيطان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:22 pm

ماذا يقود الإنسان؟



يختلف الناس في ماذا يقودهم أو من يقودهم. طبقا لتنوع شخصياتهم وظروفهم. وسنحاول هنا أن نستعرض شتي القيادات:

1 هناك من يقوده فكره. في التمييز بين الخير والشر. أو بين النافع والضار. وبالتالي تقاد أعماله وتصرفاته

هذا النوع من الناس يقوده فهمه الخاص. فما يراه حقا. هو الحق بالنسبة إليه. وما يراه باطلا فهو الباطل. ونحن لا نضمن مدي كفاءة عقل هذا الإنسان. ومدي فهمه وخبرته. فقد توجد طرق تبدو له مستقيمة. بينما تكون عاقبتها ضياعه! وما أكثر الذين أضلهم فهمهم الخاطئ. وبخاصة لو كانوا من المبتدئين أو صغار السن!

وهناك أمور تحتاج إلي عمق في الفحص والتفكير. وليس كل الناس علي درجة كبيرة من الذكاء. ولذلك يُنصحون بأنهم لا يعتمدون علي فهمهم وحده. وإنما يحتاجون الي نصح وإرشاد.

***

2 النوع الثاني إذن هو الذي يقوده المرشد:

فهو يعتمد اعتمادا كاملا علي ما يقول له معلمه أو مرشده. دون فحص! بل ربما يعتبر مناقشة ما يقوله المرشد لونا من الكبرياء وعدم احترام الكبار!

ولكن يلزم لمثل هذا الشخص. أن يكون مرشده سليم الفكر والعقيدة. خبيرا. وغير متحيز لإتجاه معين. وإلا انطبق عليه وعلي مرشده المثل القائل "أعمي يقود أعمي. كلاهما يسقطان في حفرة"..

وقد يحدث أن يكون أحد المرشدين مؤمنا بفكر معين. يرشد إليه الكل بغض النظر عن نوعيات نفسياتهم وظروفهم!! وربما يكون إرشاده غير مناسب للبعض.. أو قد يضل المرشد. فيضل معه كل تابعيه. باسم الطاعة! وفي العهد القديم حذر الله بني اسرائيل قائلا "مرشدوكم مضلون". ونحن لا نؤمن بعصمة جميع المرشدين. ولا نؤلههم.. ولا نسير في الطريق الروحي بعيون مغمضة. أو بما يسمونه الطاعة العمياء..!

فإن كان شيء من الإرشاد يصطدم بوصية إلهية أو بمبدأ روحي. حينئذ نضع أمامنا أنه "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس". وحينئذ ينبغي أن يتوقف المسترشد ويناقش. حتي يستريح ضميره..

***

3 وهناك نوع من الناس تقوده صحبة أو صداقة أو جو الأسرة

وعلي رأي ذلك الأديب الذي قال : "قل لي من هو صديقك. أقل لك من أنت".. أو علي رأي المثل "من عاشر قوما أربعين يوماً. صار منهم". فالصحبة كثيرا ما تؤثر علي الفكر وعلي الطباع. ولهذا ينبغي أن ينتقي كل شخص نوعية أصدقائه بطريقة سليمة. فلا تؤثر عليه سلبيا..

ومن الناحية الايجابية قد يقوده الي الصلاح صديق طيب الخلق..

وفي نفس الوقت. نشدد علي تأثير الأسرة وقيادتها. فهي النبع الأول الذي يتلقي منه الإنسان مبادئه وطباعه.. وكما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا.. علي ما كان عوّده أبوهُ

ونفس الكلام أيضا نقوله عن عمل المدرسة من جهة القيادة. وعن تأثير النادي. والوسط الذي يعيشه البعض في جمعيات معينة لها تأثيرها.

***

4 أشخاص آخرون يقودهم الرأي العام والمجتمع

ونخص بالذكر العامة وغير المثقفين. وغير الناضجين في الفكر والسن والشخصية. فهؤلاء يجرفهم التيار في أي اتجاه يسير. فحسب الأمثلة التي أمامهم ينقادون. وحسب روح الجماعة يسيرون. بالتيار السائد. ويعتبرون أنه من الخطأ أن يشذوا عن الأسلوب العام. وعن المجتمع..

بعكس ذلك المصلحون الذين يغيرون المجتمع إذا وجدوه في خطأ. ولا يغيرهم المجتمع في أخطائه. ذلك لأنهم لا ينقادون وراء التيار العام.

أما المنقادون فيأخذون مبادئهم وقيمهم من المجتمع الذي يعيشون فيه.. لهذا كثيرا ما نسمع أن الشعب الفلاني له طبع معين أو عادات معينة. ذلك لأن الكل ساروا في تيار واحد. يقودهم التقليد ونوعية القدوة.

***

5 نوع آخر تقوده الكتب ووسائل الإعلام. والصحافة:

فهو يصدق مايقرؤه. ويعتنقه ويعتقده. ويصبح صدي لكل صوت يسمعه من تلك الكتب. أو من الصحافة عموما. أو من وسائل الإعلام. ويردد ذلك كله بلا فحص ولا تفكير وينشره بين الآخرين..!

ومن جهة الكتب. ننصح القارئ أن يقرأ بعقل وتمييز. وأن يحترس بالذات من أمرين: من الشئ الغريب الذي يطرق ذهنه لأول مرة. كما يحترس من الفكر الذي يحطم فيه ثوابت قديمة مستقرة. وهكذا يقرأ بفحص. ويسأل ويسترشد. ويرفض ما يجب عليه رفضه..

وفي هذا المجال أيضا. لابد أن نذكر الدور الكبير الذي يقوم به التليفزيون في التوجيه والقيادة. وترسيخ بعض أفكار تشكل عند مدمن التليفزيون اتجاهات ومفاهيم خاصة.

***

6 هناك أشخاص تقودهم الأحلام والرؤي:

وليست كل الأحلام والرؤي من الله. لذلك ينبغي: علي كل إنسان أن يكون لديه الافراز الكافي. الذي يدرك به هل الأحلام التي رآها هي من الله. أم من الشيطان. أم من العقل الباطن. أم من امور مترسبة في نفسه نتيجة لقراءات أو سماعات أو مناظر. أو قصص. أو رغبات كامنة في نفسه تحولت إلي أحلام؟!

ويقال عمن تقوده الأحلام. ينطبق أيضا علي الذين تقودهم ما يسمي بالحظ أو البخت أو ماتقوله النجوم! أو قارئو الكف أوالفنجان..!

***

7 غالبية الناس "الصالحين" يقودهم الضمير:

ونقصد بالضمير هنا الضمير الصالح. والضمير يقود دائما إلي الحق والخير. فنقول عن هؤلاء أن الذين يقودهم هو الحق والخير.

غير أن الضمير إذا انحرف. يقود صاحبه الي الانحراف. فالذي يأخذ بالثأر ويقتل. يدفعه ضميره إلي القتل. وإذا لم يقتل يوبخه ضميره وكذلك من يظن أنه بالقتل يغسل شرف الأسرة.

كذلك الذين يشنون الحروب بكل ما فيها من ضحايا بشرية ومن تدمير وتخريب. إنما يفعلون ذلك بضمير مستريح. وضميرهم يقودهم إلي الحرب. أيضا المتطرفون دينيا. ضميرهم يقودهم الي التطرف.

لذلك قلنا في القيادة العامة للضمير. شرط أن يكون الضمير صالحا.

***

8 هناك كثيرون جدا تقودهم المنفعة أو المصلحة:

ومع أن العديد من هؤلاء يخالفون ضمائرهم في الوصول إلي هذه المنفعة. إلا أن الواحد منهم قد يخدع نفسه ويقول: هذا من حقي. ومن الحق أن آخذه.. أو يقول هذه المنفعة هي الخير بالنسبة لي. وعجيب أن كلمتي الحق والخير ترتبطان هنا بالمنفعة.

والمنفعة ليست فقط تقود افرادا. بل أيضا تقود دولا وأمما وشعوبا. وقد تخالف هذه الدول ضمائرها للوصول إلي ما تري فيه منفعتها. أو تجعل ضمائرها توافق علي ذلك. وتعلن أن من مصلحة الدولة أن تسير في هذا الطريق. بغض النظر اعتباره في نظر الغير شرا..

***

9 بعض الأشخاص يدعون أنه يقودهم الروح!!

وربما يكون هذا لونا من الهوس الديني. يظن فيه الشخص أنه مقاد بروح الله. أو بروح قدسي من عند الله!! وهكذا تسمعه يردد مثل هذه العبارات : الروح قال لي كذا. أو أمرني الروح أن أفعل كذا. أو أرشدني الروح أن أقول لكم الشيء الفلاني ومثل هذا الشخص لا ندري أي روح يقوده. إن كان هناك روح يقوده! أو ربما تكون هناك اقتناعات في داخله بأمور معينة. يظنها أنها صوت الروح في داخله! وقد يكون مضللا بروح ما..

علي أنه بادعائه أن الروح يقوده. قد يجذب إليه اتباعه وينقادون بما يقول. علي اعتبار أنه يأخذ من فوق ويعطيهم..!

***

10 يوجد أنواع من الناس تقودهم الشهوة أو الغريزة:

الشهوة من أشهر الأمور التي تقود الإنسان. فتوقف عقله وضميره. وتسيطر عليه تماما فلا يفكر الا فيها! سواء كانت شهوة المال أو شهوة العظمة. أو شهوة الامتلاك. أو شهوة الجسد. أو شهوة المناصب والألقاب. أو غير ذلك من الشهوات.

الشهوة تنبع من القلب. وتصعد إلي الفكر. وتمتلك الإرادة. وتسعي توا إلي التنفيذ. وتدوس علي كل العوائق التي أمامها..

والشهوة يلزمها ضبط النفس. لو استطاع ضبط النفس أن يبعدها عن غيها. ولكن ذلك ليس سهلا في غالبية الأحوال..

الانسان أيضا تقوده الغريزة. فالأم مثلا تقودها غريزة الأمومة فهي تشتهي أولا أن تصير أما. ثم تسيطر الأمومة علي عواطفها في كل تعاملاتها مع ابنها ومع المتصلين به.

والبعض قد تقوده الغريزة في الغضب. وآخر قد تقوده غريزة الزني أو تصبح فيه غريزة تتعبه في فترة الشباب أو المراهقة..

***

11 علي أن الكثيرين قد يقودهم الدين. أو مشاعر التدين..

أو يقودهم قانون الدولة. أو قواعد النظام العام

فيرون أنفسهم خاضعين لما يأمر به الدين. وما يسمعونه من أفواه الوعاظ. وما يقرأونه في كتب التفسير. ويلتزمون بذلك التزاما شديدا ودقيقا..

علي أن البعض من هؤلاء قد يغالي في بعض أمور الدين. أو يتطرف فيه. أو يفهمه فهما خاطئا. أو يقاد به في اتجاه خاص.. ويظن أنه علي حق فيما يراه. ويتحمس لذلك. وتكون قيادته خاطئة..

كذلك فإن القانون يقود الناس. كل الناس. ويصبح من الواجب عليهم جميعا أن يلتزموا بمواد القانون. وإن لم يلتزموا يُلزمون بالقوة وبالعقوبة. والبلد الذي لا يقوده القانون. تسوده الفوضي..

والنظام العام ملزم أيضا للناس. حتي إن لم يوجد له نص في كتب القانون. لكنه من القواعد المرعية دائما. وكمثال له قواعد المرور..

***

12 هناك أشخاص - وبخاصة البسطاء منهم - تقودهم الأمثال الشعبية:

فقد يرفض شخص أن يتزوج بفتاة جميلة. إن كانت أمها شديدة الطبع. وفي ذهنه المثل القائل "إقلب القلة علي فمها. والبنت تطلع لأمها".

وقد يتحاشي شخص آخر أي لون من المخاطرة. وهو يردد المثل القائل "إمشي سنة ولا تخطي قنه". أو إن كان يقود سيارة. يقوده مثل يقول "إمشي علي مهلك. علشان توصل بسرعة"...

والأمثال كما تقود بعض الناس. كذلك تقودهم أبيات من الشعر..

وتصبح هذه الأبيات كأنها حجج ثابتة أو قواعد متبعة. كمن يتبع قول الشاعر:

أصبر علي كيد الحسود فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها.. إن لم تجد ما تأكله

أو كان يحدث في زمن الرق. أن يتمثل البعض بقول الشاعر:

لا تشتر العبد إلا والعصا معه.. إن العبيد لأنجاسى مناكيدُ

***

13 بعض الناس أيضا تقودهم العاطفة. أو يقودهم الانفعال:

البعض تقودهم في حياتهم مشاعر الحب أو الرغبة في السلام. بينما غيرهم تسيطر عليهم الكراهية والحقد. إن كان هناك حقد في قلوبهم..

آخرون يقودهم الخوف في كل تصرفاتهم. أو يقودهم القلق والاضطراب.

كل أولئك تقودهم العواطف والمشاعر. فالخائف يقوده الخوف حتي لو لم يوجد سبب للخوف. أو يقوده القلق حتي إن لم يوجد سبب للقلق..

بعكس هؤلاء اشخاص تقودهم مبادئ وقيم وشعارات يثبتون عليها

وتصبح هذه القيم أساسا تبني عليه كل أعمالهم. ويتعبهم ضميرهم جدا إن حادوا عن شئ منها.

***



14 غير ذلك نوعية من الناس تقودهم السياسة

سواء كانت سياسة البلد. أو سياسة حزب ما. يتبعون سياسة ويلتزمون بها. أو تقودهم السياسة بمعني الدبلوماسية. والحكمة في التعامل وفي تصريف الأمور..

* أخيرا لا اريد أن اتحدث عن الذين يقودهم الخيال. أو أحلام اليقظة. فهؤلاء في الغالب بغير قيادة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:23 pm

النظرة البيضاء والنظرة السوداء





الحياة هي نفس الحياة بالنسبة إلي الكل : بحلوها ومرّها..

وقد تتشابه الظروف الخارجية بالنسبة إلي كثيرين. ولكن انفعال البعض بها يختلف عن انفعال البعض الآخر.ونظرة كل من الفريقين تختلف عن الآخر. البعض له نظرة بيضاء. والبعض له نظرة سوداء.

وسنضرب أمثلة لذلك في أمور متعددة:

***

النظرة إلي المشكلة:

لا يوجد أحد لا تصادفه مشاكل في حياته. كل انسان له مشاكله.

ولكن البعض ينظر إلي المشكلة بنظرة سوداء معقدة كئيبة. كما لو كانت المشكلة بلا حل. ولا مخرج ولا منفذ..

كما لو كانت ألما صرفا وضياعا.. وكأنها مأساة..

وهناك أناس تسبب لهم بعض المشاكل بأمراض صعبة: مثل ضغط الدم. أو مرض السكر. أو قد يصاب البعض بانهيار نفسي. أو بتعب في أعصابه. أو بقرحة في المعدة. وإن كنت المشكلة خطيرة - أو هي هكذا في نظره - قد يقع علي الأرض مشلولا . أو يصاب بذبحة أو بجلطة..

كل ذلك حسب درجة انفعاله بالمشكلة. وحسب مقدار ضغطها عليه.. وشعوره أنه قد أنتهي. ولا خلاص.

***

أما صاحب النظرة البيضاء. فيري أن كل مشكلة لها حل

ويري أن الأمر ليس خطيرا ولا مستحيلا.. وأن الله لابد أن يتدخل في المشكلة ويحلها.. والله عنده حلول كثيرة.

وهكذا تمتزج المشكلة عنده بالإيمان والرجاء.. فبالإيمان يثق تماما بوجود الله أثناء المشكلة. وبيد الله العاملة سواء رأها أو لم يرها.. فلا يأبه بالمشكلة. ولا يدعها تعصره أو تحصره. ولا يسمح للمشكلة أن تضغط علي أعصابه وعلي نفسيته..

بالنظرة البيضاء يقابل المشكلة: ليس فقط بأعصاب هادئة. إنما بشعور أكثر عمقا. يري فيه أن المشكلة سوف تعطيه خبرة بالحياة. وخبرة برعاية الله. وتدريبا علي هدوء الأعصاب والفكر.

كما ستكون المشكلة فرصة له. يلمس فيها يد الله العاملة في حياته. وعناية الله به. وطريقة الله في حل المشاكل..

إن المشكلة واحدة. ولكن تختلف النظرة إليها والانفعال بها. ويختلف وقعها ومقابلتها. اعني يختلف الـ Response.

***

صاحب النظرة البيضاء. كان أكبر من المشكلة

أما صاحب النظرة السوداء. فكانت المشكلة أكبر منه

صاحب النظرة السوداء. لا يبصر الا ما في المشكلة من ألم ومن ضيق وتعب. ولذا يقابلها بخوف وانزعاج. وقد تضغط علي تفكيره فيتوقف. ويترك الأمر إلي أعصابه المنهارة. وقد يصل به الأمر إلي اليأس. وقد يصل به اليأس إلي الانتحار..

أما صاحب النظرة البيضاء. فيضع رعاية الله بينه وبين المشكلة. فتختفي المشكلة. وتبقي رعاية الله هي الظاهرة..

***

صاحب النظرة السوداء. يري أن كل نهار يعقبه ليل مظلم

أما صاحب النظرة البيضاء. فيري أن كل ليل مظلم يأتي بعده نهار مضئ

النظرة السوداء تتعب من كل خطأ موجود

والنظرة البيضاء تقول إن كل خطأ يمكن تصحيحه.

***

النظرة إلي المادة

وهي تتناول نظرة الإنسان إلي المادة عموما. وإلي المال. وإلي الجسد.

انسان ينظر إلي المادة. كأداة يُخدم بها الله

وآخر ينظر إلي المادة. كوسيلة لإشباع الشهوات!

المادة هي نفس المادة. ولكن نوعية النظرة إليها. تحدد نوعية العلاقة بها والتصرف معها. هل المادة تملكك. أم أنت تملكها؟!

والمال هو نفس المال. ولكنه في يد البعض يستخدمه للخير. وهو في يد الغير يهلكه! لأن نظرة الواحد إليه غير نظرة الآخر . نفس الوضع بالنسبة إلي الجسد. يستخدمه البعض في الركوع والسجود وخدمة الله. وخدمة المجتمع. بينما ينظر إليه البعض كأداة لإشباع شهواته. وكأنه شر في ذاته. وعنه تصدر خطايا عديدة.

***

كذلك تختلف النظرة إلي الشئ من حيث الاعتقاد فيه:

هل هو محلل أم محرم أم نجس..

* إن نظرة المسلم إلي الخنزير. من حيث أنه نجس ولا يجوز أكله. غير نظرة إنسان آخر لا تحرم عقيدته أكل لحم الخنزير..

* نفس الوضع تقريبا بالنسبة إلي التدخين وشرب الخمر. إنسان يكره رائحة السيجارة ولا يطيقها. ويكاد يختنق من رائحتها ولو بعيدا. هذا غير شخص آخر مدمن للتدخين.

وما يقال عن التدخين يقال عن الخمر بشتي أنواعها..

* أيضا نظرة الرجل إلي النساء. سواء إلي المحرمات منهن. أو إلي المرأة العادية. نظرة رجل إلي امرأة انها محرمة عليه من جهة نوع القرابة أو النسب. غير نظرته إلي امرأة ليست من المحرمات.

إن يوسف الصديق لم يستطع أن يقترب من امرأة سيده - علي الرغم من طلبها ذلك منه - ذلك لأن عقيدته لا تسمح له بالاقتراب من امرأة رجل آخر.

يمكن أن نطبق مثل هذه النظرة علي كل المحرمات من الخطايا.

***

بين الشكر والتذمر

إنسان ينظر إلي الذي معه. فيرضي ويشكر

وآخر ينظر إلي الذي ينقصه. فيشكو ويتذمر

وقد يكون الاثنان في نفس الظروف ونفس الأوضاع.

فما هي نظرتك أنت؟ هل تنظر إلي الذي معك؟ أم إلي الذي ينقصك؟ والذي ينظر إلي ما ينقصه. لا يهدأ من الطلب. كذلك الذي ينظر إلي ما في أيدي غيره. ويقارن..

كثير من الذين يتذمرون ويتعبون: لو أنهم نظروا الي الذي معهم. لوجدوا أنهم في خير. وقد أعطاهم الرب الكثير والكثير. ولكنهم لم ينظروا إلي ما عندهم..

***

نفس الوضع نقوله بالنسبة إلي المناصب والألقاب

قد يكون انسان في وظيفة مرموقة يحسده عليها الكثيرون. وقد يكون معه من المال ما يجعله من كبار الأثرياء. ومع ذلك كله فإنه يشقي! لماذا؟ لأنه ينظر إلي عضوية مجلس تشريعي أو عضوية مجلس المدينة. أو عضوية هيئة كبيرة أو ناد مشهور..! أو أنه يشتهي وساما أو لقبا.

أو ينظر إلي أصحاب الدرجات العلمية والشهادات الجامعية. مما ليس له. فيشكو حظه وتتعب نفسيته!

***

ما أكثر النعم والخيرات التي تحيط ببعض الناس. ولكنهم لا ينظرون إليها. بل ينظرون إلي شئ غيرها ينقصهم!

وإن حصلوا علي ذلك الشئ. لا يكتفون. بل ينظرون إلي مستوي آخر أعلي وأبعد ينقصهم..! وقد يتذمرون وهم في وضع يشتهيه غيرهم ولا يجده! هنا الاختلاف بين نظرة القناعة البيضاء ونظرة الطمع السوداء.

إذن بنوع نظرة الانسان يسعد نفسه. وبنوع نظرته يشقيها

وهكذا. فإنه ليست الظروف الخارجية هي التي تتعبه. وإنما يتعبه أسلوبه في التفكير. ونوع نظرته إلي الحياة.

***

النظرة إلي أعمال الآخرين:

انسان ينظر إلي الخير الذي في الناس. فيمتدحهم

وانسان آخر لا ينظر إلا إلي النقائص والعيوب. فيذم ويعيّر

هذا النوع الثاني له نظرة نقّادة. لا تري إلا الشئ الأسود! وتتخصص في رؤية العيوب. حتي بالنسبة إلي شخص يمدحه الكل وهو موضع رضي الكل. ومع ذلك ما أسهل أن يوجد فيه شئ يُنتقد.

هذا النوع يتعود أن ينتقد ويعارض. ويتكلم بالسوء علي كل أحد. ولا يعجبه أي تصرف. علي الأقل بالنسبة إلي شخص معين أو مجموعة معينة أما أصحاب النظرة البيضاء. فهم عكس ذلك.

***

لو كانت لك النظرة البيضاء ستري في كثيرين شيئا يُحبّ ويُمتدح

درّب نفسك علي هذه النظرة: أن تنظر إلي محاسن الناس وليس إلي عيوبهم. هناك نظرة واقعية: أن تري ما فيهم من محاسن ومن عيوب. ولكن أي النوعين له التأثير الأكبر عليك؟

الذي لا ينظر إلا إلي العيوب. قد تجده ساخطا علي الكل..

لا يعجبه شئ.. كل ما يراه هو موضع انتقاد.. وبعض الذين ينادون بالإصلاح. لا ينظرون إلا إلي السواد فقط.. ويحتار البعض معهم كيف يرضونهم! هم باستمرار عدوانيون Aggressive لابد أن يجدوا شيئا يهاجمونه. فإن لم يجدوا فيخترعونه..!

***

وبعض أصحاب النظرة السوداء: بدلا من الهجوم. يتحولون إلي الانعزال!

بسبب نظرتهم السوداء. ينفرون من المجتمع. وينطوون علي أنفسهم. إذ لا يجدون شيئا يعجبهم أو يرضيهم.. بل هم ساخطون علي كل شئ.

وأحيانا يصاب هؤلاء بأمراض نفسية أهمها مرض الكآبة Despression فتجد الواحد منهم حزينا كئيبا. ينتظر أن يري الشر أمامه.. وأحيانا يخاف المجتمع. ويظن أن الغالبية تدبر له ما يضايقه. وهكذا يقع في عقدة الاضطهاد Perseuction Complex ويخيل إليه أن كثيرين يريدون الإضرار به!

أو قد يصاب بالعصبية. فتجده دائما "غضوبا" حاد الطبع عالي الصوت. يحتد وربما بلا سبب يدعو إلي ذلك. وفي غضبه يثور ويتكلم بما لا يليق. إنه لا يري سوي سواد يثيره!

***

وربما يُحارَب بالشكوك في كل شئ:

في كل ما يحيط به. يفترض أسبابا سوداء تدعوه إلي الشك!

وإن بدأ الشك يحاربه. يلتقطه الشيطان لكي يضيف إليه مخترعات وأسبابا تزيد من شكه. حتي يصبح في جحيم من الشك. وكل هذا بسبب نظرته السوداء التي تفترض الشك. بعكس غيره من أصحاب النظرة البيضاء الذين يؤولون نفس الأمور تأويلا طيبا لا يحزن النفس.

إن كثيرا من الشكوك ليس الدافع إليها أسبابا خارجية. بل هناك مصدر آخر وهو حالة القلب والفكر من الداخل.

***

قد تكون النظرة السوداء إذن مرضا نفسيا نتجت عنه هذه النظرة وربما تؤدي هذه النظرة السوداء إلي مرض نفسي. فتكون سببا أو نتيجة.

أي أنه إذا بدأ بالنظرة السوداء. قد يصل إلي المرض النفسي.

أو إذا بدأ بالمرض النفسي. تكون من نتائجه النظرة السوداء.

وبالنظرة السوداء يفقد الإنسان سلامة القلب. بعكس صاحب النظرة البيضاء الذي يحيا باستمرار في بشاشة وفرح.

والعجيب أن النظرة السوداء قد تأتي في العلاقة مع الله!

***

في العلاقة مع الله:

الشيطان قد يحارب صاحب النظرة السوداء حتي في علاقته مع الله. فيصور له أن الله لا يهتم به. وأن الله قد أهمله. وأنه لا يستجيب صلواته. أو أنه يضطهده ويعاقبه!

وهكذا بالنظرة السوداء يوصله الي التجديف!

وبإيعاز من الشيطان. فإن صاحب النظرة السوداء لا يشعر فقط بأن الناس ضده. وإنما الله أيضا ضده. والسماء مغلقة في وجهه! إذ يهمس الشيطان في أذنه - أثناء ضيقاته - "لماذا يعاملك الله هكذا؟! لماذا يتركك في تعبك. ولا يهتم بك!"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
magdy_f @
المدير العام
المدير العام
magdy_f @


ذكر عدد الرسائل : 8097
العمر : 54
العمل/الترفيه : محاسب
admin : 3
نقاط : 19239
تاريخ التسجيل : 19/11/2007

مقالات أيضا لقداسة البابا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقالات أيضا لقداسة البابا   مقالات أيضا لقداسة البابا Emptyالجمعة 16 مايو 2008, 7:24 pm

ماذا لو لم تكن قيامة ؟!



أهنئكم يا إخوتي وأحبائي بعيد القيامة المجيد راجياً لكم فيه كل خير. ومصلياً من أجل بلادنا العزيزة. ومن أجل الرئيس المحبوب محمد حسني مبارك أن يجعل الله رحلته إلي أمريكا موفقة وناجحة من أجل قضية السلام التي يتبناها ويدافع عنها بكل أمانة وصدق وبكل حكمة وشجاعة. وليعد إلينا سعيداً بكل ما يتمكن من إنجازه.. وأرجو لكم جميعاً بركة في مناسبة عيد القيامة التي ستكون اليوم موضع تأملاتنا بما توحيه من أفكار.

***

لكي ندرك أهمية القيامة ولزومها. علينا ان نتخيل هذا السؤال ماذا كان سيحدث لو لم تكن هناك قيامة؟ ونري نتائجه الخطيرة...!

1- لو لم تكن قيامة. لكان مصير الانسان إلي الفناء

ولأصبح الانسان كالحيوان الذي يموت وينتهي تماماً ولا يعود إلي الوجود. وحينئذ نسأل: ما هي إذن الميزة التي يتميز بها هذا الكائن البشري العاقل الناطق. الذي وهبه الله العلم وموهبة التفكير والاختراع. والقدرة علي صنع مركبات الفضاء التي توصله إلي القمر وإلي المريخ. وتدور به حول الأرض. وترجعه اليها سالماً. وحاصلاً علي صور ومعلومات.. هذا الانسان الذي قام بمخترعات أخري مذهلة كالكمبيوتر والفاكس وال Mobile Phone وغيرها.

هل يعقل ان هذا الانسان العجيب الذي سلّطه الله علي نواحي عديدة من الطبيعة. يؤول جسده إلي مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام؟! ان العقل لا يصدق هذا..!

وإلا لماذا خلقه الله بهذا الوعي. ومنحه كل هذه المواهب؟! وهو الوحيد الذي ائتمنه الله علي الوحي. وأرسل له الأنبياء. وصنع معه المعجزات.. ان كان مصيره ينتهي إلي الفناء. وحفنة من تراب!! وهذا لا يتفق أيضاً مع وعود الله له بالحياة الأبدية. وبالسماء..!

***

ولو لم تكن قيامة. لكان جسد الانسان لا يتميز عن جميع المخلوقات الأخري ذوات الأجساد

بينما هو يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعاً. وان يقوم لبعضها بواجب الرعاية والاهتمام ان أراد. وان يقوم علي البعض الآخر بحق السيطرة والاستخدام.

فإن لم تكن هناك قيامة. وأصبح مصير جسده كمصير باقي تلك الكائنات غير العاقلة. إذن لزالت كرامة هذا البشري السيد الذي سلطه الله علي غيره من الكائنات الجسدية..!

***

لو لم تكن قيامة. لضاعت المسئولية الضميرية وخشية الحساب الأخير.

فمن المعروف ان الانسان حينما يقوم من الموت. يقف أمام منبر الله العادل ليعطي حساباً عن كل ما فعله بالجسد خيراً كان أم شراً. يعطي حساباً ليس فقط عن أعماله. انما أيضاً عن نياته وأفكاره ومشاعره الداخلية.

ومادام سيقوم. فإنه لذلك يحيا حياة التدقيق والحرص. حياة البر والفضيلة التي يقف بها أمام الله في يوم الدين بلا خوف. وأمام الناس بلا خجل. فإن لم تكن قيامة. ولم يكن حساب. ولا خوف ولا خجل.. اذن علي رأي المثل "من لا يستحي. فليفعل ما يشاء"!!

اذن لو لم تكن قيامة. لانتشر الفساد. وانتشرت الابيقورية التي تقول "لنأكل ونشرب. فإننا غداً نموت"! اذن لتهالك الناس علي ملاذ الناس وعلي شهواتها. مع السعي إلي المادة بكل قوة ولهفة..!

ولو لم تكن قيامة. لسادت في العالم شريعة الغاب. وأكل الناس بعضهم بعضاً. واستبد القوي بالضعيف. وساد الظلم والقسوة..! بل لانعدمت المباديء والقيم أو قَّل شأنها وتأثيرها إلي حد بعيد..!

***

لو لم تكن قيامة. لأصبح الموت رعباً. وزالت الشجاعة والتضحية!!

حالياً. لا يخاف الشجعان الموت علي رجاء القيامة. ويتقدم الشهداء إلي الموت غير هيابين. لأنهم يعرفون ان الموت ليس هو نهاية حياتهم. بل يرونه باباً مفتوحاً لحياة في الأبدية لا تنتهي.

كذلك أي انسان يموت يكون له عزاء في الحياة الأخري. وبهذا يمكن ان يتقبل الموت بغير جزع. أما ان لم تكن هناك قيامة وحياة بعد الموت. فان الموت يكون مخيفا اذ يمثل نهاية ومأساة. وهذا ما كان يحدث للملحدين. وللطوائف التي تنكر القيامة والروح كالصدوقيين مثلاً.

***

أن لم تكن هناك قيامة. فان موت أحبائنا وأصدقائنا وأقاربنا يكون سبب حزن شديد جداً لنا لا عزاء فيه

ان عزاءنا في موت أحبائنا هو اننا سنراهم في العالم الآخر. ونقول للرب في صلواتنا "انه ليس موتاً لعبيدك. بل هو انتقال". لذلك نقيم لهؤلاء الراحلين عنا تذكارات في مناسبات عديدة. ونثق انهم سيقومون في اليوم الأخير وسنراهم وتستمر علاقتنا بهم.

نفس الكلام نقوله عمن نعجب بهم من أصحاب المواهب ومن مشاهير الناس الذين عاشرناهم. ولهم في قلوبنا صلة تقدير.. فان لم تكن قيامة. سنحزن جداً إذ تنقطع صلتنا بكل التاريخ الذي عاصرناه والذي سمعنا عنه. وأيضاً تنقطع صلة هذا التاريخ بنا..!

أما الايمان بالقيامة فقدم للبشرية رجاء أوسع من هذا: ليس فقط في تلاقي الأحباء والأصدقاء. وانما أيضاً في تلاقي الأجيال كلها.

حيث يلتقي الناس هناك في السماء مع أبينا آدم وأبينا نوح وأبينا إبراهيم وسائر الأنبياء. ومع جميع الأبرار في جميع العصور.. ستلتقي الأجيال كلها هناك في القيامة. وان لم تكن قيامة. لا يكون مثل هذا اللقاء المفرح للنفوس. ولعاش الناس في جيل محدود. وفي زمن محدود لا يتعدونه.. ولانقطعت صلتنا جميعاً بالأبرار وشفاعتهم.

***

وإن لم تكن قيامة. إذن سوف لا تكون لنا صلة بالسماء وسكانها..

ولا أقصد بالسماء. هذه التي نراها بأعيننا. انما أقصد السماء التي يسكنها الملائكة والتي هي عرش الله.. هذه التي لنا أمل فيها بالقيامة والحياة الأخري. حيث نعيش في السماء بعد القيامة.

فإن لم تكن قيامة. سنحرم من السماء ومن الملائكة وكل الطغمات السمائية. ويكون حديثنا الآن عن كل هؤلاء حديثاً نظرياً. وكذلك يكون حديثنا عن النعيم الأبدي. وعما لم تره عين ولم تسمع به اذن وما لم يخطر علي قلب بشر.. أيكون هذا أيضاً كأنه أحلام أو أوهام؟!

وان لم تكن هناك قيامة ولا سماء. فما معني ان الابرار بعمل الخير يكنزون لهم كنوزاً في السماء. تُحفظ لهم حين يصلون اليها؟!

***

وأن لم تكن قيامة. فسنُحرم من الحياة المثالية التي في الأبدية

نحُرم من ذلك الجو الروحي الذي هناك: حيث لا خطيئة ولا فساد ولا مؤامرات ولا انقسامات ولا شيء من الأخطاء التي في عالمنا.. وأيضاً حيث لا تعب ولا ضيق ولا مرض ولا حزن ولا بكاء.. بل الجو الذي يسوده السلام والألفة والحب. هذا الأمر الذي نشتهيه ونترجاه. ونحلم ان نراه في العالم الآخر.. هل سنُحرم من هذا كله؟!

وهل سنحرم من الحياة المتجانسة في العالم الآخر. التي فيها البشرية كلها معاً بكل أجناسها. بلغة واحدة. يتفاهمون تلقائياً بغير حاجة إلي مترجم.. وكلهم بفهم واحد. ومفاهيم واحدة.. حيث تبطل الألسنة واللغات التي تميز مجموعة عن أخري..! هل سنحرم من هذا الجو. ان لم تكن قيامة؟!

***

لو لم تكن قيامة. لما كان هناك تعويض للذين عاشوا حياة مؤلمة أو حياة بائسة علي الأرض!

نذكر من بين هؤلاء المعوقين جسديا. كالعُرج والكسح. والصم البكم. واصحاب الامراض المستعصية التي كلها ألم. اولئك الذين كانوا يأملون في حياة بعد الموت. ينقذهم الرب فيها من عاهاتهم ومن آلامهم الجسدية والنفسية. ايفعقد هؤلاء الألم ان لم تكن هناك قيامة..!

وكذلك هل يعيش المكفوفون في عمي علي الأرض. دون اي أمل في آن يرد الله لهم البصيرة في حياة أخري. ان لم تكن هناك قيامة!

وأيضا الذين عاشوا في فقر وعوز. أو في وظائف محتقرة. أو كانوا خداما أو عبيداً لغيرهم. أو تحت معاملة قاسية ممن لهم عليهم رئاسة أو سيادة.. الذين قاسوا قي حياتهم الظلم والاهانة أو التشريد والسبي وامثال هؤلاء.. هل لايأملون اطلاقا ان يرد الله اعتبارهم في العالم الآخر. إن لم تكن هناك قيامة وعالم آخر!

ان عدم وجود قيامة يوجد احباطا ويأسا عند كل تلك الامثلة من الناس. وأنه ان لم يكن هناك عدل ومساواة في هذه الحياة الارضية. فكيف لايوجد بعد الموت لون من التعويض؟!

***

وإن لم تكن هناك قيامة. إذن لاتكون هناك مكافأة للأبرار الذين جاهدوا من أجل حياة الفضيلة علي الأرض

اولئك الذين عملوا الخير في الخفاء. وحرموا أنفسهم بسبب تفانيهم في فضيلة العطاء. وجاهدوا من أجل البعد عن كل اغراء.. وواظبوا بكل حرص علي الصلاة والصوم. وبعضهم عاش في نسك وزهدوا. رافضين متع الجسد من أجل المتع التي يتمتعون بها بالروح في السماء.. وعاشوا في حياة الاحتمال والصبر. وضبط النفس. ومكافحة الشهوات.

هل كل هؤلاء لا تكون لهم مكافأة في حياة أخري. ثوابا من الله عن كل تعبهم وجهادهم الروحي علي الأرض؟! بل يتساوون مع الاشرار الذين نهبوا الارض نهبا. وتهالكوا علي الشهوات. وعاشوا بكل فساد في حياتهم الارضية. دون أية عقوبة. مادام الموت قد ساوي بين الكل. ولا قيامة!! أي عدل يكون هذا؟! وهل يقول الابرار اذن في أنفسهم: قد خدعنا الانبياء بحديثهم عن الجنة والنار. وعن الثواب والعقاب!! حاشا لله أن يكون هذا. ويتساوي البار والاثيم. ويضيع أجر من أحسن عملا..!

***

وان لم تكن قيامة. الا يكون هذا ضد الإيمان!!

وايضا ضد وعود الله! وضد الوحي الالهي! وضد الدعوة الي التضحية وبذل الذات! وضد كل ما تعلمناه عن السماء والحياة الابدية! وعن النعيم والجحيم! وضد الصلة بين سكان السماء وسكان الارض! اذن لابد ان تكون قيامة. ولابد ان يكون حسابا. وان يكون هناك ثواب وعقاب.. فالدين يقتضي هذا. وأيضا العقل والمنطق يلزمنا ان نؤمن بهذا..

***

ومادامت القيامة عقيدة وضرورة. فينبغي ان نستعد لها..

عارفين ان حياتنا الارضية - مهما طالت - لاتقاس شيئا الي جوار الحياة الابدية التي لانهاية لها والتي هي المصير الحقيقي لجميعنا.. فلنستعد للابدية بعمل الخير في كل مكان. ومع كل احد لان كل خير نعمله هنا. سنلقي جزاءه هناك في السماء اضعافا مضاعفة.. ولنبعد عن كل شر وشبه شر لان الخطيئة تبعدنا عن الله وعن ملائكته وعن السماء وكل سكانها من ارواح الابرار..

ولنفرح بأن الله قد اعد لنا حياة بعد الموت يستمر فيها وجودنا فلا يقتصر علي هذه الحياة الارضية المحدودة التي تشوبها آلام وضيقات ولنشكر الله الذي اعد لنا نعيما أبديا. أسمي من كل ما رأيناه في افراح الارض الزائلة ومتعها التافهة.

***

وبهذه المناسبة أرجو لكم جميعا كل سعادة وبركة ولنصل من أجل مصر ورخائها. ومن أجل الشرق الاوسط والسلام في كل ربوع اراضيه وبخاصة في فلسطين والعراق. وليضع الله حدا لتلك الحروب والشقاقات. ويعود الهدوء الي المنطقة..

وكل عام وأنتم جميعا بخير

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://omelnoor-magdy-f.blogspot.com/
 
مقالات أيضا لقداسة البابا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجموعة مقالات لقداسة البابا
» كلمة لقداسة البابا شنودة عن البابا كيرلس السادس في ذكري عيد نياحته
» مقالات البابا شنودة في الأهرام
» من مقالات قداسة البابا شنودة الثالث
» 300 عظة لقداسة البابا شنودة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
+†+ منتديات ميناء الخلاص +†+ :: +†+ منتدى الكنيسـة والقديسيـن +†+ :: منتدى البابا شنودة الثالث :: كتب ومقالات قداسة البابا شنودة-
انتقل الى: