عدد الرسائل : 8097 العمر : 54 العمل/الترفيه : محاسب admin : 3 نقاط : 19239 تاريخ التسجيل : 19/11/2007
موضوع: من أين أتيت يا أمي؟ - القمص تادرس يعقوب ملطى السبت 24 ديسمبر 2016, 9:38 pm
أجيبيني يا أمي! من أين أتيت يا أمي؟ القمص تادرس يعقوب ملطي
إيريني تحتفل بعيد ميلادها السابع ذهبت إيريني إلى المدرسة وهي متهللة كعادتها، فقد أحبت مدرستها وزملاءها ومدرسيها. لكنها في هذا اليوم كانت أكثر سعادة. ذهبت تحمل معها 20 كرتًا تدعو فيها أصحابها لحضور حفل عيد ميلادها السابع. وقد قضت عدة أيام ترسم الصور على الكروت وتلونها بنفسها. كانت إيريني تنتظر المفاجآت كما حدث في السنوات الماضية. تنتظر كعكة عيد ميلادها بالشموع السبع. والهدايا التي يقدمها لها والداها وجداها وأقاربها وأصدقاؤها، وأيضًا تنتظر أن تقضي وقتًا طويلاً في اللعب والتسلية مع أصدقائها. عادت إيريني إلى منزلها فوجدت حجرتها مزينة بألوان جميلة وبالونات. استقبلتها والدتها بابتسامة عذبة كالعادة، وأخذتها في حضنها وقبّلتها، ثم طلبت منها أن تستحم وترتدي ثوبها الجديد. ارتدت إيريني ثوبها الجميل واحتضنها والدها وقبّلها، ثم قال لها: "انظري يا إيريني، ها أنتِ قد صرت فتاة (مادموازيل) كبيرة. صار عمرك سبع سنوات. أنتِ زهرة أسرتنا!" ابتسمت إيريني وهي تقول في شيء من الجدية: "هل تظن إني إنسانة مهمة يا بابا؟" تدخلت الأم وقالت: "لا تتصوري يا إيريني كم كنا– بابا وأنا- نتظرك. إني لن أنسى يوم ميلادك منذ سبع سنوات. عندما وُلدتِ رآك البعض طفلة لا شكل لها، أما بالنسبة لنا فكنتِ كاملة، أجمل ما في الوجود! كنتُ أتأمل أصابع يديكِ ورجليكِ البالغة الصغر. رأيت عينيكِ كعيني والدك، وأنفكِ كأنفي... كنت أتفحص كل جسمك"، وكان قلبي يردد: "أشكرك يا رب، لأنك وهبتنا هذه الطفلة الجميلة". احتضن الأب ابنته الصغيرة وهو يقول لها: "لا يمكنك أن تتصوري مدى سعادتنا حين وهبنا الله إيريني! لقد غَيَّرْتِ عائلتنا!". قالت إيريني : "أنا غَيَّرتُ العائلة! كيف؟" أجاب الأب: "قبل ميلادك كنت أنا وماما وحدنا، كنا نحب بعضنا بعضًا، وكنا سعداء جدًا. وبميلادك زادت سعادتنا جدًا، إذ صرنا ثلاثة، كل منا يحب اثنين عوض حبه لواحد. ماما وأنا نحبك جدًا، وأنتِ تعلمتِ أن تحبينا، فصار الحب في الأسرة أعظم مما كان عليه". سألت إيريني: "بابا، هل تقصد كلما جاء طفل جديد يزداد الحب في الأسرة؟" أوْمأتْ الأم برأسها تعلن موافقتها. عندئذ قالت إيريني: "إذن كل طفل يسبب تغييرًا أفضل في الأسرة!". أجابت الأم: "حتمًا، لهذا فإن العائلات دائمة التغيير. فالعائلة تكبر عندما يُولد طفل جديد". سألت إيريني جدها: "لماذا لا تسكن معنا حتى تكبر أسرتنا؟" أجاب الجد: "أنا لا أسكن معكم، لكنني أحبكم، فالأسرة لا تنمو بمجرد السكنى معًا. عندما تكبرين يا إيريني قد تضطرين للسفر أو تتزوجين وتسكنين في بيت مستقل مع زوجك. هذا لا يُعني أن الأسرة تصغر أو تفقد حجمها... إننا نعيش معًا بالحب حتى وإن كنا تحت ظروف معينة يكون لكل منا سكنه الخاص". أريد أن أسألك يا جدي: "كيف أخذت من بابا عينيه ومن ماما أنفها؟" أجاب الجد: "يحمل الطفل أشكالاً من بعض أفراد أسرته، خاصة الأب أوالأم أو الجد أو الجدة... فنقول أن إيريني ورثت عن والدها عينيه وعن أمها أنفها. لكن الله لا يجعل إنسانًا يحمل صورة مطابقة تمامًا لآخر، فلكل إنسان شكله الخاص الذي يميزه، وأيضًا شخصيته التي يعتز بها". سألته إيريني: "ولماذا خلق الله أشكالاً كثيرة؟ هل يميز الله بين إنسان وإنسان؟" أجاب الجد: "الله خالق مبدع، خلق من هو أبيض ومن هو أسمر أو أسود أو قمحي أو أصفر... وكل خليقة الله جميلة وبديعة جدًا. كل جنس يعتز بما وهبه الله، ويحترم الأجناس الأخرى. وفي الجنس الواحد لكل واحد شكل خاص يعتز به الإنسان ويحترم الأشكال الأخرى". "ولماذا أقام الله عائلات؟" "لكي تعيش العائلة معًا، وتحب بعضها البعض، وتقضى بعض الأوقات معًا، ويسند الواحد الآخر!" قالت إيريني: "كم أنا سعيدة يا جدي أن الله أتى بي إلى هذه العائلة. إني متهللة جدًا، لأن الله يحبني، وأوجدني معك!" قضت إيريني ليلة ممتعة مع أسرتها وبين أصدقائها، وقبيل نومها صلت مع والديها ثم قالت لهما: "أشكركما يا بابا وماما... وإني أرجو لكما ليلة سعيدة!" أجاباها: "نحن نشكرك يا إيريني لأنك سبب سعادتنا. نرجو لكِ ليلة سعيدة، غدًا سنقدم لكِ مفاجأة جميلة بمشيئة الله!" في حديقة الحيونات استيقظت إيريني باكر جدًا، وصلت إلى الله قائلة: "أشكرك يا رب لأنك أتيتَ بي إلى هذه العائلة السعيدة. أشكرك لأنك أعطيتني سنة جديدة. بارك حياتي، واجعلني سبب سعادة لكثيرين". بعد الصلاة التقت مع والديها اللذين قبّلاها، ثم قالا لها: "هيا بنا نذهب اليوم إلى حديقة الحيوانات". في الطريق قالت إيريني لوالدتها: "بالأمس كنت ألعب مع أصدقائي، فسألتهم: "من أين جئتُ؟" فضحكوا، وقالت صديقتي زيزي: "ماما قالت لي إن العصافير وضعتك لنا في الدار". وقالت سوسو: "ماما قالت لي إن الطبيب أحضرك لنا في حقيبة!". فأنا من أين جئتُ؟" ابتسمت الأم وربتت على كتف ابنتها ثم قالت لها: "لا يا إيريني... لم تُحضرك العصافير ولا الطبيب، إنما أنتِ ككل طفل كنتِ في بطن أمك (بطني)، وأنا أيضًا كنت في بطن أمي. كنتِ صغيرة جدًا ثم كبرت وكبرت ثم خرجتِ إلى الدنيا". "كيف خرجت من بطنك يا أمي؟" توقف الحديث إذ بلغوا حديقة الحيوانات... دخلوا إلى قسم الطيور، وهناك رأوا قسم الدجاج، وشاهدت إيريني دجاجة وهي تبيض، فقالت لوالدتها: "انظري يا ماما كيف تبيض الدجاجة؟" أجابتها الأم: "هكذا أنتِ خرجتِ من بطني يا إيريني كما تخرج البيضة من الدجاجة". انطلقوا إلى قسم آخر، فرأت إيريني قردًا صغيرًا جدًا حديث الولادة وبجواره أمه تهتم به وتلحسه بلسانها بينما جاء أبوه ببعض الأكل للأم... قالت الأم: "انظري يا إيريني هذا القرد الصغير، كيف تهتم به والدته ووالده. الأم حملته في بطنها حتى كبر ثم ولدته. والأب يهتم به وبالأم. "هل يمكن للأب أن يلد؟" "لا يا إيريني. الله خلق لكل واحد وظيفته. البت تكبر وتتزوج، وتحمل الطفل في بطنها، ثم تلده، وترضعه، وتهتم به. والأب يعمل ويجاهد وهو الذي يسد احتياجات الأسرة". "كيف يعيش الطفل في بطن أمه؟" "غدًا سأذهب معك إلى متحف العلوم، وسترين صور للطفل وهو في بطن أمه". في متحف العلوم قالت إيريني: "انظري! هذا الطفل صغير جدًا، إنني لم أرَ طفلاً قط في حجمه". قالت الأم: "هذا الطفل (الجنين) في بطن أمه، إنه لا يقدر أن يأكل أو يتنفس من ذاته. إنه يعيش في بطن أمه. لقد خلق الله له مكانًا يعيش فيه يُدعى "الرحم". "ما هو شكل الرحم؟". "إنه أشبه بحجرة صغيرة جدًا يعيش فيها الجنين. وهو على شكل بالونة صغيرة، كلما كبر الجنين كبر حجم الرحم، وذلك كما تنفخين في البالونة، لهذا نرى بطن الأم الحامل قبل الولادة كبيرًا جدًا". "وكيف يأكل الجنين؟" "إنه لا يستخدم فمه، إنما يأتيه الطعام من جسم أمه خلال أنبوبة صغيرة، ومن خلالها يأتيه الهواء ليتنفس... هل تعرفين أين موضع الأنبوبة؟" "لا!" "في وسط بطنك... في الصُرَّة". "ماذا يرتدي الجنين؟" "إنه لا يحتاج إلى ملابس، فإنه يشعر بالدفء والراحة في الرحم". "ألا يحتاج الجنين أن يذهب إلى الحمام؟" "لا يحتاج، فإن هذه الأنبوبة (حبل الصرة) تقوم بكل شيء، خلالها يأتيه الطعام، ومن خلالها تخرج البقايا من الجنين إلى بطن الأم". "من الذي صنع هذا كله؟" "الله هو الذي يهتم بنا حتى حين كنا أجناء في بطن أمهاتنا".